الانتحار ما بين قضية وجريمة.
رحاب عاطف حشيش.
لا شك أن قضية الانتحار قضية مباشرة لا تقبل المقدمات فهى مقدمة وخاتمة لذاتها.
فالانتحار من وجهة نظرى الشخصية هو وسيلة المنتحر للهروب بل للفرار من المسئوليات والضغوطات النفسية والعصبية الواقعة والمتراكمة عليه فهو يظن أنه بذاك الفعل يهرب ليذهب إلى رفيقه الأعلى دون اللجوء للتفكير ولو للحظة ما الذى سيلقاه فى أُخراه من جراء عمله التكفيرىّ.
من نظرى أنه يلجأ لذلك عندما يشعر أن المسئوليات والضغوطات أكبر من طاقته واحتماله أو عندما يشعر أن مجهوده الكبير لا يقدره أحد أو ربما يشعر أنه مهان ومنبوذ من بيئته المحيطة فيشعر حينئذ بحالة من اليأس والإحباط المفرط فيسعى لتخليص نفسه من كل ذاك دون ذرة تفكير منه فى مجرد حل بسيط أو حتى التفكير فى العقاب ودون أن يلتفت إلى من يحبونه .
أنا لا أعتبر الانتحار قضية أكثر من كونه جريمة لها أركانها وأسبابها ووسائلها كما أن لها حلولها وعلاجاتها .
فأركانها المنتحر والذى دفعه للانتحار فربما قد يكون الأخير شخصاً أو شعوراً أو ضغط كبير .
أما عن الأسباب فلها أسباب عدة منها أسباب دينية وأخرى إقتصادية وأسباب إجتماعية وأخرى شخصية بحتة تخص كل منتحر على حده.
فمن وجهة نظرى الشخصية أن المنتحر مدين قبل أى شىء فهو قد أخطأ بفعله التكفيرىّ فى حق خالقه الذى لايكلف نفساً إلا وسعها ولايكلف نفسا أكثر من طاقتها وأخطأ فى حق من حوله أيضاً فلم يفكر فى كيف ستجرى حياتهم وأخطأ أيضاً فى حق نفسه التى أزهقها دون أن تكمل طريقها وعرضها لعقاب أخروىٍّ شديد.
فالانتحار قضية عصر وقضية جيل بل أجيال متلاحقة ومتتابعة نشأت فى بيئة بعيدة عن الله بيئة لم يجدوا فيها مايسعون لتحقيقه إما لظروفهم الاقتصادية أو إما لعدم توافر إمكانيات تناسب أحلامهم ،أجيال لم تنشأ على التسليم لإرادة الله أجيال لم تعترف بأن اختيارات الله هى الأفضل دائماً بل تقنط سريعاً من رحمة لله وتفر إليه أيضاً.
فالانتحار قبل أن يكون حالة من اليأس والإحباط وقبل أن نسميه أو نلحقه بوصف أو تعريف هو فعل تكفيرى أولاً وأخيراً.
يلجأ إليه الشخص فى حالة يأس بحتة وغامضة إلى حد ما .
من وجهة نظرى أن معظم حالات الانتحار هى من الفئات الطلابية لاسيماً طلاب الثانوية العامة فهم عندما يجدون أن مجموعهم لا يطابق أو غالباً لا يناسب جهدهم المبذول طوال العام تصبهم حالة من الفزع واليأس ويرون أن أحلامهم صارت هباءً يلجئون فى صمت إلى الانتحار دون حتى اللجوء إلى وسائل التظلم والشكوى، وبعضهم قد يلجأ إليه خوفاً من ردة فعل الأباء وبعضهم بسبب نظرة المجتمع العقيمة والمقارنة بين مجاميع الأقارب والأصدقاء.
لم أقصد بقولى هذا أن أحصر فعل الانتحار فى فئة الطلاب بل أقصد أنه أصبح عادة كل عام .
وقد انتشر فعل الانتحار وارتفعت أعداده بصورة بشعة فى هذه الأيام وخاصة بين فئات المربين والمسئولين عن الأسرة فبسبب ارتفاع الأسعار المهول وغلاء المعيشة وتحول عصرنا من مجتمع بسيط إلى مجتمع معقد ومخيف لربما قد تحول إلى عالم من الخوف والاضطرابات والقتل والانتحار وغيرهم من الأفعال الشنيعة .
فبسبب ذلك يلجأ بعض الأباء للانتحار تخلصاً من المسئولية والضغط والمتطلبات الحياتية اللازمة.وبعض الأمهات خاصة الأرامل أو المطلقات قد يلجأن لقتل أولادهن وأنفسهن خوفاً على أبنائهن من الموت جوعاً ومن المسئوليه الملقاه على عاتقهن .
فقد قال الله تعالى .ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم.صدق الله العظيم.
قد يحزننى ما حدث في مجتمعنا من فوضى وقلة دين فهى مسألة دينية إيمانية متعلقة بقوة الايمان وإلا قد لجأنا جميعاً إليها فكلنا أو معظمنا واقعون تحت ضغط شديد ومسئوليات كبيرة.
فيجب علينا وعلى كل مسئول سواء مسئول دراسى أو أسرى أو حتى مسئول شخصى أن يراعى الله فى عمله حتى لا يعرض حياة الأشخاص للخطر.
ويجب على كل منتحر أن يراعى الله فى نفسه وأن يفكر ألف مرة قبل أن يلجأ لفعله الشنيع.
للانتحار وسائل عديدة منها ماهو قديم وما هو مستحدث مثل حبوب الغلة وغيرها من العقاقير السامة أما عن الوسائل القديمة منها الشنق أو قطع الأوردة والشرايين وغيرها بواسائل القتل الحادة والأسلحة .