أخر الاخبار

سبب اختفاء القوة الناعمة المصرية

القوة الناعمة المصرية في أضعف حالاتها!
 

القوَّة الناعمة هو مصطلح بليغ شائع، فبينما تشير القوة على الدوام إلى الصلابة والبأس ورباطة الجأش، فإنَّ هذا المصطلح - للمفارقة - يفاجئنا بأنَّ هناك قوة من نوع مختلف، يكون وزنها وقيمتها في بساطتها ورشاقتها وتنوعها.

 حتَّى في أضعف حالتها، طالما كان لمصر قوَّة ناعمة معتبرة، ولعلَّ أحد الأسباب وراء ذلك، أنَّ القوة الناعمة، في كثير من أوجهها تتعلق بالناس، ولا تتعلق بالسياسات العامة التي قد يصيبها الضعف والفتور أحيانًا. فأكلة شعبيَّة بسيطة، أو موهوب بارز في رياضة ما، أو دراما حقيقية مؤثرة، أو بناء معماري خلَّاب، كلها من أشكال القوة الناعمة الّتي تثري نفوذ الأمم دون مجهود ضخم. ولكنَّ الملاحظ، أنَّ قوة مصر الناعمة في العقد الأخير آخذة في التمزق والتدهور، وهو ما ينعكس في الأخير على شكل المنتجات الثقافية المصريَّة، الَّتي صار معظمها يتسم بالابتذال والانسحاق، على نحو تكاد لا تخطئه عين.

"السوبر المصري.. في الإمارات!"

 السوبر هو اسم على مسمَّى، فهو لقاء السحاب الرياضي، حيث يلتقي بطل مسابقة الدوري التي تحتاج عادةً إلى نفس طويل للحصول عليها مع بطل الكأس، في لقاء لا يخلو من الطابع التنافسي والاحتفالي في نفس الوقت.

 خلال العقد الأخير، ألقى مسؤولو الحكومة المصريَّة، رياضيًا وأمنيًا، “الفوطة” كما في التعبير الشعبي، كنايةً عن عدم القدرة على تنظيم لقاء كروي ناجح بحضور جماهيري في مصر، لتصبح تلك المباراة السنوية حكرًا على الإمارات.

 في العشر سنوات الأخيرة، ألغى المسؤولون في مصر مباراة السوبر مرتين لأسباب أمنية وتنظيميَّة، وأقاموها مرَّتين دون جمهور تمامًا، لتقام منذ 2014، بصورة مطردة تقريبًا في الإمارات، حيث لا يجد نفس المسؤولين غضاضة في امتداح القدرة على التنظيم والحضور الجماهيري والإخراج، وهي العناصر التي يقولون ضمنيًا، إنه لا يمكن توفيرها في مصر، حتَّى أن إستاد هزاع بن زايد صار ماركةً مسجلة عربيًا لاستضافته لقاء السوبر المصري دوريًا، ولا يبدو أنَّ هناك استعدادًا في الأفق لعودته إلى مصر قريبًا.

 
"التهافت على إرضاء الكفيل"
 

في نفس السياق، يلاحظ أنَّ النخب الفنية المصرية صار لديها استعداد لفعل أيّ شيء مهما كان مبتذلاً ومجافيًا للذوق العام ومهينًا لبلدهم الأصليّ، ما دام ذلك سيساهم في إشعال مواسم الرياض وجدة، ومن ثمَّ رفع أسهمهم لدى الجهات والشخصيات المستضيفة.

بعض الفنانين البارزين في مجال الغناء ارتضوا على أنفسهم ارتداء ملابس وإكسسوارات نسائيَّة لإحياء تلك الحفلات هناك، غير عابئين بأيّ انتقادات قد توجَّه إليهم من أهلهم وجمهورهم في مصر. وفي نفس الوقت، ذهب محمد فؤاد، الذي كان جزءًا من طفولة بعض الأجيال القديمة، بعيدًا أيضاً، حينما وصف مستضيفيه في السعودية، بأنهم "أعظم ناس على وجه الأرض، وأنهم من علموا الدنيا الأخلاق" نهاية مايو الماضي، خلال مشاركته في موسم جدة، مبررًا ذلك بأنَّ تركي آل الشيخ قد وعده بإنتاج فيلم ضخم له وإعادة تقديمه فنيًا.

"المطرودون من جنة الكفيل"

 في المقابل، فإنَّ بعضاً من تلك النخب الفنية، زملاء المتهافتين على موائد الكفيل، صاروا يتعرَّضون للتوبيخ والإهانة؛ دون أن تجد وقفةً تضامنية حقيقيةً بجانبهم، من زملائهم الفنَّانين أو من نقاباتهم. فمطربة الرؤساء، التي طالما اشتهرت بالأغاني التعبويَّة، آمال ماهر، تعرَّضت للضرب المبرح والإهانة في الشارع ثمَّ إلى التضييق، ولم يتحرَّك لنجدتها أحد، إلا بعض من متابعيها.

 في فبراير 2022، وصف تركي آل الشيخ الأيقونة الفنية المصرية محمد صبحي بأنه مشخصاتي، وتفاعل مع أحد أذرعه الإعلامية التي قالت عن صبحي إنه مجرد زائدة دودية بسبب ما أشيع عن رفض صبحي أداء مسرحية "خيبتنا" في السعودية وتحفظه على الانخراط في مشروع الترفيه.

 وحينما كان رئيساً للهيئة العامة للرياضة، اتهم ترك آل الشيخ وعيَّر رئيس أكبر ناد رياضي في مصر، الأهلي، بأنه تلقى منه هدايا شخصية عبارة عن ساعات رولكس، كما وصف مجلس إدارة النادي بالعصابة.
 
الغريب أنه بالرجوع إلى الأرشيف، نجد أنَّ آل الشيخ قد التقى السيسي رسميًا في قصر الرئاسة مرتين على الأقل، إحداهما ديسمبر 2017، والثانية في مايو 2021 لبحث التعاون الثقافي والفني بين البلدين.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -