لقد أحدثت الوثائق الأمريكية الخطيرة المسربة ضجة على منصات التواصل الإجتماعية، وتناولتها الصحف العربية والغربية على نطاق واسع وغير مسبوق، وأدت هذه التسريبات المزعومة الواسعة النطاق لوثائق سرية من "البنتاغون" إلى قيام الولايات المتحدة بواجب التنظيف في الوقت الذي تكافح فيه الكشف عن مدىّ إختراق الوكالات الأمريكية لمنافذ المخابرات الروسية والتجسس على الحلفاء، فضلاًعن: إتساع التسرب والضرر الذي أحدثه لم يتحقق بالكامل بعد، وتم نشر عشرات الوثائق في فبراير شباط ومارس، والتي وصفت بأنها سرية للغاية، على منصات التواصل الإجتماعي بشكل غير مسبوق، وربما يتم تداول مئات أخرىّ على منصات متخصصة أخرىّ على الإنترنت فمن وراء كل هذا؟، وهل المقصود من التسريبات التي وصفها البعض بأنها في غاية الخطورة هو فضح بعض الدول؟.
وتتصارع إستخبارات الدول الآن مع هروب المعلومات الإستخباراتية التي يمكن إستخدامها كخريطة طريق لتحديد كيفية قيام الولايات المتحدة بجمع المعلومات حول الجهود الروسية في أوكرانيا!، وبعض الدول منها دول عربية، وكيف يمكنهم قطعها؟، وفي غضون ذلك، كان على حلفاء الولايات المتحدة، حتى لو كانوا مدركين جيداً أنهم يخضعون للمراقبة من قبل قوىّ أجنبية!، وأن يواجهوا علناً ما تم الكشف عنه في الوثائق،
وإنه يظهر أنواع الأشياء التي يُنظر إليها بالفعل.
وألفت: في مقالي إلى ماقالة "لاري فايفر"، المدير السابق لغرفة العمليات في البيت الأبيض ورئيس موظفي وكالة المخابرات المركزية، لصحيفة "ذا هيل" الأمريكية، إن التسريبات تُظهر أنواع الأشخاص الذين نستهدفهم ونعترضهم بالفعل، والبلدان التي نستهدفها ونعترضها،
ومن المحتمل أن يكون الكشف عن المصادر والأساليب مقصودة، رغم إنها لها تأثير على الثقة بيننا وبين بعض أصدقائنا،،لذلك أعتقد أن التسريبات الأخيرة خطيرة وسيئة للغاية وفق ماقال.
ولا تزال وزارة الدفاع، والإستخبارات الأمريكية يقيِّمون صحة الوثائق والأضرار الناجمة عن التداعيات، ولكن نائب المتحدث بأسم وزارة الخارجية الأمريكية"فيدانت باتيل" قال: يوم الاثنين الماضي إنه "لا شك" في أن تسريب الوثائق يمثل خطراً على المواطن الأمريكي في المرتبة الأولىّ، وأضاف" باتيل" بينما يعمل "البنتاغون" على تقييد الوصول إلى المعلومات الحساسة، وتعمل وكالات أخرىّ على التخفيف من هذا التأثير الذي يمكن أن يحدثه إصدار هذه الوثائق على الأمن القومي للولايات المتحدة، فضلاًعن؛ التأثير الذي يمكن أن يحدثه على حلفائنا و شركاءنا.
كما ألفت: إلى أن الوثائق المسربة التي توضح معلومات عن توقيت الضربات الجوية الروسية في أوكرانيا، وحتى أهدافها، وتوضح مدىّ قدرة الولايات المتحدة على الوصول إلى مختلف الوكالات الروسية،
وأستغرب من أن رغم الشيء المذهل بشأن تسريب الوثائق ومدىّ جودة معلوماتها الإستخباراتية!، ولكن الشيء السيئ هو كيف لا يمكن للولايات المتحدة التي تعتبر قوى عظمىّ الإحتفاظ بهذة الأسرار، وماهو الدافع من وراء تسريبها، وما يبرزه أيضاً حول هذا التسريب الإستخباراتي الخطير، مقارنةً بالتسريبات السابقة، وهو التداعيات المحتملة على حرب تنتقل إلى أهم مراحلها حتى الآن، وقبل الهجوم المضاد الكبير من قبل أوكرانيا، رغم أنه قد يكون له تداعيات على نجاح هذا الهجوم.
وأجد أن من بين تقييمات الأضرار المحتملة من بين التسريبات لتلك الوثائق السرية الخطيرة، هي محاولة معرفة كيف يمكن لروسيا أن تجمع المعلومات من هذه الوثائق معاً لمصلحتهم التكتيكية أو العملياتية، ومن الناحية الإستراتيجية، مازلت أعتقد أن هذا لا يغير شيئاً "لـ"روسيا على طريق الخسارة، ولن يعيدوا أوكرانيا، ولن يسيطروا علىها، وأن تفاصيل المخزونات العسكرية الأوكرانية، ومواقع المعركة المذكوره في الوثائق يمكن أن يستغلها الروس، لكن هذا شيئ يمكن لأوكرانيا الإستفادة منه أيضاً أثناء سعيها لمزيد من المساعدة، وإذا كان هناك أي شيء آخر، فأنة يعطي دفعة للغرب لتقديم المزيد من المساعدة بشكل أسرع لأوكرانيا.
ويوجد عنصر آخر من عناصر التسرب الإستخباراتي هو إحتمال قيام أوكرانيا أو الولايات المتحدة بتقويض وإستغلال إنعدام الأمن بين القيادة الروسية لتأجيج الإقتتال الداخلي، وفي المجتمع الروسي، وخاصة أن هناك الكثير من الجوجيتسو النفسي يحدث يحدث الآن بين القيادات وداخل المجتمع في آنٍ وَاحِدٍ.
ومن بين الوثائق التي تم نشرها عبر الإنترنت معلومات إستخبارية سرية للغاية، وأساسية عن حلفاء الولايات المتحدة، أبرزهم إسرائيل وكوريا الجنوبية، ودول أخرىّ من بينها دول عربية، مع بعض التقييمات التي تبحث في مداولات الدول المتعلقة بمساعدة أوكرانيا، وبحسب ما ورد في الوثائق، أنه كانت كوريا الجنوبية تدرس مخططاً، تحت ضغط أمريكي، لبيع مدفعية إلى دولة ثالثة يمكن نقلها إلى أوكرانيا، فضلاًعن؛ مشاركة مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان يعتبر نادر جداً من الموساد، وجهاز المخابرات الخارجية السرية في البلاد، وتم نفى هذا في التقارير الصحفية عن أن المخابرات الأمريكية حددت الوكالة على أنها تشجع المشاركة في الإحتجاجات ضد خطط الحكومة الإسرائيلية لإصلاح القضاء.
وجاء في بيان النفي أن الموساد وكبار مسؤوليه لم يشجعوا، ولا حتى أفراد الجهاز على الإنضمام إلى المظاهرات ضد الحكومة أو المظاهرات السياسية أو أي نشاط سياسي أخر، وفي غضون ذلك، تخطط كوريا الجنوبية لمطالبة الولايات المتحدة بإتخاذ الإجراءات المناسبة بشأن التسريبات، وفق شبكة"إن بي سي نيوز" عقب إحاطة مع مسؤول حكومي أمريكي، ويأتي الكشف عن تجسس الولايات المتحدة على "كوريا الجنوبية" قبل سفر رئيس كوريا الجنوبية "يون سوك يول" إلى واشنطن للإحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس كوريا والولايات المتحدة"التحالف"، حيث سيشارك في زيارة أمريكا ويلقي كلمة في جلسة مشتركة للكونغرس.
وأُشير: في مقالي إلى إنه الموقف الأمريكي أصبح محرج للغاية، وأعتقد أن معظم حكومات الدول، والمجتمعات أصبحُما يدركون أن الجميع يتجسس على بعضهم البعض،
وهذا مايضع المخابرات الأمريكية بشكل مباشر في موضع القلق، من أن الوثائق التي تم تسريبها يمكن أن تساعد الخصوم والحلفاء على تحديد القنوات المفتوحة للتجسس وإغلاقها، فضلاًعن؛ أن هذه الوثائق وضعت بعض حكومات الدول في "مَوْقِفٌ مُزْرًى" ومخجل أمام شعوبها، وقد تجعل دول عدة تعيد النظر في علاقتها مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وعلى صعيد أخر إعتبرت موسكو صباح اليوم "الأربعاء"، أنّ الوثائق الأميركية السرّية المسرّبة بشأن النزاع في أوكرانيا، قد تكون في الواقع "تزويراً" يغذّي حملة تضليل من جانب واشنطن تهدف إلى ما وصفته بـ "خداع" روسيا،
ونقلت وكالات الأنباء الروسية عن نائب وزير الخارجية "سيرغي ريابكوف" قوله؛ إنّ في هذه المرحلة، "ليس لدينا موقف، ربما يكون ذلك مزيّفاً، "دعاية متعمدة"، وأضاف؛ نظراً إلى أنّ الولايات المتحدة جزء أساسي من الصراع في أوكرانيا وتشنّ في الواقع حرباً هجينة ضدّنا، فمن الممكن أن تخدع هذه الأساليب العدو، أي الإتحاد الروسي حسبما قال.
وأوضح: في مقالي هذا أمراً قد يكون في غاية الخطورة هو أنّ هناك صوراً في الوثائق التي تم تسريبها، ونشرها على منصات التواصل الإجتماعي يبدو أنّها تُظهر بعض الوثائق مشابهة في الشكل لتلك التي تُستخدم في تقديم تحديثات يومية لكبار القادة الأمريكيين، حول عمليات على صلة بأوكرانيا وروسيا، وأيضاً تحديثات إستخبارية أخرى، وإدعاءات قد تكون فيها شبة مغالطات لدول منها عربية، وذُكر من بعض الخبراء والمتخصصين في هذا الشأن بأنّ بعضاً منها، يبدو معدّلاً، كما أُوضح؛ ومن خلال متابعتي عن كثب، لهذه التسريبات أنّ من بين هذه الوثائق واحدة تمّ تداولها على الإنترنت، ويبدو أنّها عُدّلت لكي تُظهر أنّ أوكرانيا تكبّدت خسائر بشرية أكثر مما تكبّدته روسيا، في حين أنّ الوثيقة الأصلية تشير إلى أنّ العكس صحيح.
وأؤكد: في مقالي: أن الوثائق التي تم التركيز عليها مما نشرت، والتي تزعم بأن بعض الدول العربية توجد شراكة بينها وبين موسكو إستهدفت دولاً غربية، وأخرىّ بتسليح روسيا سراً، تؤكد؛ أن هذه التسريبات تختلف عن غيرها من الفضائح السابقة! وتحوي في طيها رسالة علنية لقطع المساعدات الأمريكية لبعض الدول، رغم أن بعض الدول ردت على هذه التسريبات منها"جمهورية مصر العربية" التي تم ذكرها في هذه التسريبات، وأكدت؛ على دعمها لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وبشأن الحرب الروسية الأوكرانية، قال المتحدث بأسم الخارجية السفير" أحمد أبوزيد"إن "موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التدخل في هذه الأزمة والإلتزام بالمحافظة على مسافة متساوية مع الطرفين، ونواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي من خلال المفاوضات.
مؤكداً: قد تكون تداعيات هذه التسريبات كبيرة جداً، وقد تكون مدمّرة إذ يمكن أن تعرّض للخطر مصادر إستخبارية الولايات المتحدة وأن تمنح أعداءها معلومات قيّمة جداً تستخدمها ضدها وضد حلفاءها، وقد تكشف مواد حسّاسة مصنّفة يمكن أن تكون لها تداعيات كبرىّ ليس فقط على آمن أمريكا القومي بل على الآمن القومي لدول أخرىّ قد يؤدي إلى خسارة أرواح داخل الولايات المتحدة، ودول أخرىّ وخاصةً الحليفة لها، والسؤال هنا من وراء هذه التسريبات الخطيرة؟ وخاصةً التي تحوي معلومات تلوح في الأفق لدول بعينها وأختص بالذكر الدول العربية، ولماذا تم تسريبها في هذا التوقيت بالذات؟ هذا ما سنعرفة عندما يتم نشر باقي الوثائق المسربة، أو جزء منها.
وأختم : مقالي الصحفي بالوثيقة الأميركية المسربة التي تفوق بخطورتها من سبقها، والتي ذُكر فيها أن ثمة 4 سيناريوها غير متوقعة للحرب في أوكرانيا، حسبما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، منذ قليل، وهذه الوثيقة مؤرخة بـ 24 فبراير الماضي، ورجحت أن تستمر الحرب لفترة طويلة، وأن هذا ما خُطط لها، وجاء في هذه الوثيقة، وهي تحليل أجرته وكالة إستخبارات الدفاع الأمريكية، أن السيناريوهات الـ” 4” إفتراضية، وتشمل مقتل الرئيس الروسي"فلاديمير بوتين"، والرئيس الأوكراني، "فولوديمير زيلينسكي"، والتخلص من قيادات القوات المسلحة الروسية، وشن أوكرانيا ضربات على الكرملين، وإمتنع مسؤولون أميركيون عن الإفصاح عما إذا كانت الوثيقة حقيقية لكنهم لم يشككوا في صحتها، والغريب أنهُ لا يزال مصدر تسريب الوثائق ليس معروفاً حتى الآن!.