أخر الاخبار

مظاهرات إسرائيلية للديمقراطية و «نبيل أبوالياسين»لا ديمقراطية مع حكومة يمينية متطرفة

المدار الاخبارية : 

الناشط الحقوقي، والباحث في الشأني العربي والدولي"نبيل أبوالياسين"، كتبت مقالي هذا بعد جهد كبير من البحث والإطلاع والمتابعه لأوضح للمتلقي شرقاً وغرباً أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة بقيادة "بنيامين نتنياهو" لا تمثل خطر على الشعب الفلسطيني، فقط بل تمثل خطراً على الشعب الإسرائيلي، والمنطقة بأكملها، حيث ُ نشاهد جميعاً للأسبوع السابع على التوالي آلاف الإسرائيليين المناهضين لـ ‎"نتنياهو" يتظاهرون رفضاً لتشريعات تهدف إلى الحد من صلاحيات السلطة القضائية لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية.

 ونؤكد: أنه لاتزدهر الديمقراطية، ولا يمكنك حفظها في دولة يهودية في ظل حكومة متطرفة، وهذا ما قالة متظاهرون في تل أبيب وهم يحملون لافتات كتب عليها«طلاب إسرائيليون يقاتلون من أجل الديمقراطية، و بدون ديمقراطية لا توجد أكاديمية»، والتحذيرات تأتي كل يوم الديموقراطية الإسرائيلية في خطر، ومنذ أن أعلنت حكومة"بنيامين نتنياهو" الجديدة عن خطط لتقويض إستقلال المحكمة العليا الإسرائيلية، وتظاهر مئات الآلاف من الإسرائيليين في الشوارع.  


وأن المبدأ الذي يقوله منتقدو "نتنياهو" الصهاينة الليبراليون إنه يهدد، دولة يهودية وديمقراطية هو في الواقع تناقض، لأن الديمقراطية تعني حكم الشعب، والدولة اليهودية تعني حكومة اليهود، في بلد يشكل فيه اليهود نصف السكان فقط بين نهر الأردن، والبحر الأبيض المتوسط​​، ولكي نفهم مدىّ عدم ليبرالية الصهيونية الليبرالية التي دافع عنها خصوم"نتنياهو" الرئيسيون، وفكرجيداً في تصرفات يائير لابيد، سلفه كرئيس للوزراء، والذي كتب في الشهر الماضي، مقالاً كتب فيه "إذا لم تسقط حكومة نتنياهو ستتوقف إسرائيل عن أن تكون ديمقراطية ليبرالية"، ولم يتضمن المقال كلمة «فلسطيني أو فلسطين».


ويصبح هذا أقل إثارة للدهشة عندما تدرك أنه"كـ"وزير للخارجية، في عام 2021، ناشد "لبيد" الكنيست تجديد قانون يحرم الفلسطينيين في الضفة الغربية، وقطاع غزة المتزوجين من مواطنين فلسطينيين من الحق في العيش مع أزواجهم داخل إسرائيل، رغم أن هذا القانون الذي دعا بتجديدة يعُد قانون تمييزي بشكل صارخ، ويمكن لليهود الهجرة إلى إسرائيل والحصول على الجنسية الفورية سواء كان لديهم أقارب في الدولة أم لا، وبعيداً عن إنكار الطبيعة التمييزية للتشريع، إحتفل "لبيد" بها، وأوضح في تغريدة في يوليو من عام"2021" أن القانون هو أحد الأدوات التي تهدف إلى ضمان الأغلبية اليهودية في دولة إسرائيل.

وحذر جميع المدعين العامين السابقين الأحياء في إسرائيل، في بيان مشترك، من أن إقتراح "نتنياهو" يعرض للخطر جهود الحفاظ على إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية، ويهتف القادة اليهود الأمريكيون الليبراليون للإحتجاجات، وفي وقت سابق، قال"آلان سولو"، الرئيس السابق لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرىّ، إنه ووجهاء يهود أمريكيين آخرين يشاركون مخاوف عشرات الآلاف من الإسرائيليين المصممين على حماية ديمقراطيتهم، في إعلان عام، وحذر"سولو" وأكثر من 168 يهودياً أمريكياً مؤثرين آخرين من أن إتجاه الحكومة الجديدة يعكس الإتجاهات المناهضة للديمقراطية التي نشهدها في أماكن أخرىّ على الساحة.

وتبدو المعركة بين"نتنياهو" ومنتقديه مألوفة بالفعل، وفي السنوات الأخيرة، من البرازيل إلى المجر ومن الهند إلى الولايات المتحدة، إتهم المتظاهرون المناهضون للحكومة الشعبويين ذوي العقلية الإستبدادية بتهديد الديمقراطية الليبرالية، ولكن إذا نظرنا عن كثب إلى الدراما السياسية الإسرائيلية، ستلاحظ شيئاً لافتاً للنظر، والأشخاص الأكثر تهديداً من قبل إستبداد "نتنياهو" ليسوا جزءاً من الحركة المناهضة لها.

 وشارك في المظاهرات عدد قليل جداً من الفلسطينيين، وفي الواقع، إنتقدهم السياسيون الفلسطينيون لأنهم، على حد تعبير عضو الكنيست السابق "سامي أبو شحادة"، لا علاقة لهم بالمشكلة الرئيسية في المنطقة "العدالة والمساواة لجميع الناس الذين يعيشون هنا"، 
والسبب هو أن الحركة ضد "نتنياهو" ليست مثل حركات المعارضة المؤيدة للديمقراطية في تركيا أو الهند أو البرازيل، أو الحركة التي كانت مناهضة "لـ"ترامب في الولايات المتحدة، إنها ليست حركة من أجل المساواة في الحقوق، إنها حركة للحفاظ على النظام السياسي الذي كان قائماً قبل أن يتولى الإئتلاف اليميني بقيادة نتنياهو السلطة، والتي لم تكن، بالنسبة للفلسطينيين، ديمقراطية ليبرالية حقيقية في المقام الأول، إنها حركة لإنقاذ الديمقراطية الليبرالية لليهود.

وألفت: في مقالي إلى شخصية رئيسية أخرىّ في الحركة المناهضة لـ"نتنياهو" هو وزير الدفاع السابق "بيني غانتس"، الذي حث الإسرائيليين الشهر الماضي على الإحتجاج من أجل حماية الديمقراطية الإسرائيلية، ولكن كوزير للدفاع في عام 2021، صنف "غانتس" ست منظمات فلسطينية رائدة في مجال حقوق الإنسان "كـ"منظمات إرهابية فيما وصفته منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية بتسيلم بأنه عمل من سمات الأنظمة الشمولية.  

وشق الجنود الإسرائيليون في وقت لاحق طريقهم إلى مكاتب المنظمات، وصادروا الوثائق، ثم قاموا بلحام الأبواب عملية "تشميع"، فهل تبدو هذه تصرفات شخص مهتم بـ "حماية" الديمقراطية؟ أن تناقض في الحديث،
 المشكلة أصبحت أعمق من مجرد هؤلاء السياسيين، وعندما يعبر القادة اليهود الأمريكيون مثل"سولو" عن تضامنهم مع هؤلاء الإسرائيليين المصممين على حماية ديمقراطيتهم، فإنهم لا يخدعون أنفسهم فقط بشأن المعارضين الرئيسيين لـ"نتنياهو" إنهم يخدعون أنفسهم بشأن الدولة اليهودية نفسها.

ومن خلال متابعتنا لاحظنا متظاهر يحمل العلم الفلسطيني في تل أبيب خلال مظاهرة ضد حكومة رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" اليمينية المتطرفة، وبالنسبة لمعظم الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية، أولئك الموجودون في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإن إسرائيل بالنسبة لهم ليست دولة ديمقراطية، لأن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لا يمكنهم التصويت للحكومة التي تهيمن على حياتهم، وعندما يرسل"غانتس" القوات الإسرائيلية لإغلاق منظمات حقوق الإنسان الخاصة بهم، لا يمكن لفلسطيني الضفة الغربية أن يُعاقبه في صناديق الإقتراع، ويمكنهم تقديم شكوىّ للسلطة الفلسطينية، ولكن بما أنهم ليس مثل الفلسطينيين الآخرين، يحتاج مسؤولوها إلى إذن إسرائيلي حتى لمغادرة الضفة الغربية وفي غزة أيضاً.

وتحدد إسرائيل، الأشخاص والمنتجات التي تدخل وتخرج، وسكان غزة، الذين يعيشون فيما تسميه" منظمة هيومن رايتس ووتش" سجن مفتوح، لا يمكنهم التصويت على المسؤولين الإسرائيليين الذين يحملون المفتاح، وأصبح التمييز الذي يواجههُ المواطنون الفلسطينيون في إسرائيل كالأتي: أولاً؛ يمثلون 20٪ من السكان لكنهم محصورون على 3٪ من الأرض فقط، ثايناً؛ الحصول على إذن من الحكومة لبناء المنازل بات أمر صعب، ثالثاً؛ 97٪ من عمليات الهدم الحكومية كانت لمنازل فلسطينية، ويساعد هذا الإفتقار إلى الحقوق الديمقراطية في تفسير سبب كون الفلسطينيين أقل حماساً من اليهود الإسرائيليين للدفاع عن المحكمة العليا في إسرائيل.  


وهذا ما أشار إلية أستاذ القانون الإسرائيلي "ديفيد كريتزمر، ويايل رونين" في كتابهما، إحتلال العدالة في جميع أحكامها تقريباً المتعلقة بالأراضي المحتلة، لا سيما تلك التي تتناول مسائل مبدئية، وقررت المحكمة لصالح السلطات، وإن إضعاف المحكمة من شأنه أن يقوض الحماية القانونية التي يأخذها اليهود الإسرائيليون كأمر مسلم به ولكن معظم الفلسطينيين لم يتمتعوا بها في المقام الأول.

 ويتمتع ما يقرب من 20 في المائة من الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية بالمواطنة الإسرائيلية، والحق في التصويت في الإنتخابات الإسرائيلية، وغالباً ما يكون هؤلاء الفلسطينيون هم الذين يحتجون بشدة على أوراق إعتماد إسرائيل الديمقراطية، في عام 2009، وقال: عضو الكنيست الفلسطيني "أحمد الطيبي" ساخراً إن إسرائيل هي بالفعل يهودية وديمقراطية، فأنها ديمقراطية تجاه اليهود ويهودية تجاه العرب، بالنسبة للعديد من الصهاينة الليبراليين، وقد يبدو ذلك فظاً، بعد كل شيء، يعمل "أحمد الطيبي" الآن في البرلمان الإسرائيلي لما يقرب من 25 عاماً، ولكنه يدرك أن الدولة اليهودية تحتوي على هيكل عميق يحرم الفلسطينيين بشكل منهجي من المساواة القانونية، سواء كانوا مواطنين أم لا.

 وأوضح: في مقالي إلى كيفية تخصيص إسرائيل للأراضي، وكيف يتم الإستيلاء على معظم الأراضي داخل إسرائيل نفسها من الفلسطينيين خلال حرب الإستقلال الإسرائيلية في أواخر الأربعينيات، وعندما طُرد أكثر من نصف السكان الفلسطينيين أو إن صح التعبير فروا خوفاً، بحلول أوائل الخمسينيات من القرن الماضي، وسيطرت الحكومة الإسرائيلية على أكثر من 90٪ من الأراضي، ولا تزال تفعل هذا حتى الآن وتقوم الحكومة بتوزيع تلك الأرض لأغراض التطوير وتأجيرها للمواطنين من خلال سلطة أراضي إسرائيل.  

ونرىّ أن ما يقرب من نصف المقاعد في مجلس إدارتها محجوزة للصندوق القومي اليهودي، الذي تتمثل مهمته في تعزيز الروابط بين الشعب اليهودي ووطنه، ويساعد هذا في تفسير سبب كون الفلسطينيين يشكلون أكثر من 20٪ من مواطني إسرائيل، لكن البلديات الفلسطينية، وفقاً لتقرير في عام 2017 من قبل منظمات متنوعة من منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية، تشمل أقل من 3٪ من أراضي إسرائيل، في عام 2003، وجدت لجنة حكومية إسرائيلية أن العديد من البلدات، والقرى العربية كانت محاطة بأراضي مخصصة لأغراض مثل المناطق الأمنية، والمجالس الإقليمية اليهودية، والمتنزهات الوطنية، والمحميات الطبيعية، أو الطرق السريعة، مما يمنع أو يعيق إمكانية توسعها، بسبب عدم تمكنهم من الحصول على إذن، ويقوم العديد من المواطنين الفلسطينيين ببناء منازل بشكل غير قانوني، وبالتالي فهي عرضة للهدم من قبل الحكومة، و97% من أوامر الهدم في إسرائيل بين عامي 2012 و 2014 ، وفقًاً لتقرير عام 2017، كانت ضد الفلسطينيين.

وختاماً أقول؛ إن هذا ليس من قبيل الصدفة، إنها ثمرة منطقية لتعريف إسرائيل لذاتها، "فـ"إسرائيل ليست دولة ديمقراطية كما يدعون وإنها لسيت لجميع مواطنيها، وهو مفهوم قاله رئيس الوزراء السابق "يائير لبيد" في عام 2019 إنه عارض في عام 2018 ، عندما قدم العديد من المشرعين الفلسطينيين تشريعات لترسيخ مبدأ المواطنة المتساوية في القانون الدستوري، وقرر حينها رئيس الكنيست أنه لا يمكن حتى مناقشته لأنه سيقضي على أسس الدولة، وفي نفس العام، أقر الكنيست تشريعًا يعيد تأكيد هوية إسرائيل على أنها دولة قومية للشعب اليهودي، حتى لمن لا يعيشون فيها، مما يعني أن الدولة ملك ليهود، ولكن ليس للفلسطينيين الذين يعيشون في ظلها المسيطرة، حتى القلائل المحظوظين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، وحدث كل هذا قبل تولي حكومة "نتنياهو" الجديدة السلطة.  


فهل هذه هي الديمقراطية الليبرالية النابضة بالحياة التي يريد الصهاينة الليبراليون إنقاذها، فقد يشعر بعض اليهود بالقلق من أنه من خلال الدعوة إلى ديمقراطية ليبرالية حقيقية، وبالتالي تعريض أنفسهم لإتهامات بمناهضة الصهيونية، فإن منتقدي حكومة اليمين المتطرف بقيادة"نتنياهو" سوف يقومون بتهميش أنفسهم، ولكن إذا وسعوا رؤيتهم سيرون أن العكس هو الصحيح، ومن خلال إشراك الفلسطينيين كشركاء كاملين، ستكتشف الحركة الديمقراطية الإسرائيلية عدداً هائلاً من الحلفاء الجدد، وستطور صوتاً أخلاقياً أكثر وضوحًا، في نهاية المطاف، ولا يمكن للحركة القائمة على الإثنية أن تدافع بنجاح عن حكم القانون، لتكون فقط حركة من أجل المساواة تستطيع.
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -