أخر الاخبار

العملية نجحت ولكن الطبية توفت

الجراحة نجحت لكن الطبيبة توفت فى حجرة العمليات !

كتبت : جيهان أبوالعلا

مثل كل صباحاتها العادية .. استيقظت فى السادسة بعد أن اطبقت بكلتا يديها على جرس المنبه كى لايوقظ زوجها العائد فى ساعة متأخرة من الليل مجهد بعد لستة عمليات طويلة ..ارادت ان تمنحه ساعة اخرى من الراحة .. قطعت نوبة التثاؤب ونشطت كعادتها وراحت تبعث فى البيت الصامت حركة وحيوية دون ازعاج لجورج ونتالى طفلاها النائمان فى عمق شديد بعد سهرة استثنائية فى ليلة اجازة صيفية فقد نجح جورج فى الصف السادس الابتدائى ونتالى ستنتقل الى الصف الثالث الابتدائى

دقائق مضت وهى فى حالة مزدوجة من التفكير والتنفيذ فهى تفكر فى وجبة الغداء اثناء تجهيزها لوجبة الافطار  

انهت مرحلة المطبخ سريعا وانتقلت الى حجرة طفليها جورج ونتالى ازاحت الستائر وعلى طرف سرير نتالى راحت تمسح على شعرها وتحتضنها وتخطف منها قُبلة الصباح 

 أما جورج فقد استيقظ بدون مجهود مبتسماً (هاترجعى امتى يا ماما عشان عندى تمرين فى النادى) .. لاتقلق سأعود قبل ميعادك.

 اقتربت الساعة من السابعة والربع لابد من ان تجهز نفسها وتوقظ زوجها قبل ان ينطلقا فى السابعة والنصف فى رحلتهما اليومية الى مستشفى الساحل التعليمى .. وخلال الطريق تذكرت مواقف ونوادر دراسة الطب فى القصر العينى الذى تخرجت فيه وشهادة الزمالة التى حصلت عليها لتصبح استشارى تخدير... رحلة مشتركة منذ اكثر من 13 سنة بينهما فالقدرجمعهما بالحب شركاء فى الحياة والعمل شركاء فى المهمة المقدسة وهى انقاذ حياة البشر فهى طبيبة التخدير وهو الجراح ثنائى متلازم لايفترقان.

استيقظ زوجها الدكتور ماركو شفيق وتناولا افطارهما، دارت بعينيها فى منزلها وأوصت أولادها بتناول افطارهم مع وعد بغداء مفتخر ورحلة الى النادى عندما تعود !

  فى الثامنة بالظبط كانت دكتورة مارجريت حنا استشارى التخدير امام حجرة العمليات الرئيسية ,(لستة الكولد) اى قائمة العمليات فى هذا اليوم بها اربع عمليات ستقوم بتخديرهم بخلاف الطوارىء راحت تجهز نفسها وهى تحكى وتضحك مع زملائها الاطباء والتمريض

فهى صاحبة الوجه البشوش المبتسم باستمرار . أمرأة اربعينية (مواليد 1979) هادئة كالنسمة تؤدى عملها بحرص والتزام وصمت لذا فهى محط تقدير ومحبة الجميع .

 البعض يظن ان دور طبيب التخديرهو أضعف الادوار فى العملية لكن فى الواقع هو الدور الاساسى وبدونه لا تجرى أية جراحة فهو مسئول عن المريض منذ بداية تخديره وحتى إفاقته ، بل ملزم بالبقاء بجواره عكس الجراح الذى قد ينتقل لجراحة اخرى تاركاً حالته فى رعاية طبيب التخدير

انهت د/ مارجريت تخدير الحالة الاولى والثانية والثالثة بسلام وهى فى حالتها العادية ثم جاءت الحالة الرابعة ..فجأة شعرت ببعض الصداع لكنها استمرت ولم تترك الحالة حتى أطمأنت على تخديرها ودخلت الحمام وغابت طويلا .. القلق أصاب الجميع لغيابها وساورهم الشك فى ان يكون شىء ما قد حدث لها .

وبالفعل كسروا باب الحمام ليجدوها قد فارقت الحياة...وفاة طبيعية لكنها صادمة ! لتشيع فى المستشفى وبين كل من زملائها واصدقائها حالة من الحزن الشديد .فهى الانسانة البسيطة , التى لاتشكو ولاتتذمر مهما واجهت من ضغوط الحياة والعمل .ومازال الذهول وعدم التصديق هو حال شريك حياتها الجراح ماركو شفيق.

راحت مارجريت وهى تؤدى مهام عملها لآخر نفس!

هل كانت تشعر بارتفاع فى الضغط وصداع اثناء عملها او حتى قبل نزولها من بيتها لكن التزامها الاخلاقى والمهنى منعها حتى من رفاهية الشكوى !

هل داهمها التفكير فجأة فى قسط المدارس وكيفية تدبير مصاريف مصيف الاولاد وقسط السيارة وقرض البنك ؟!

توفت الطبيبة مارجريت حنا وتركت طفليها جورج 12 سنة ونتالى 7 سنوات! ولم تعد الى ابنها جورج فى موعد التمرين

فقد توفت الطبيبة وهى تنقذ المريض !
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -