بقلم عبير مدين
لا حديث للعالم الآن إلا الاجتياح الروسي للأراضي الأوكرانية حرب ألقت بظلالها على اقتصاديات الدول وخاصة الدول العربية التي تعيش معظم حكوماتها على الاستيراد
القارئ للتاريخ ينتظر اشتعال الحرب العالمية الثالثة التي سوف تقضي على الأخضر واليابس
التاريخ يعيد نفسه والليلة أشبه بالبارحة الليلة ميدان الحرب أوكرانيا والبارحة كان كوبا عام 1962 أيام الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي السابق والمعروفة باسم أزمة صواريخ كوبا
رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي اليهودي الديانة النازي التوجه أعطى الغرب فرصة لشل حركة الدب الروسي على طبق من ذهب من خلال العقوبات الاقتصادية التي فرضت على روسيا والتي قد تقود إلى كارثة أفظع من كارثة انهيار وتفكك الاتحاد السوفيتي السابق إذا كان الرئيس الروسي بوتين قد غامر بخوض حرب غير مدروسة
الرئيس الأوكراني مؤمن بتفوق الجنس الأري
بينما تاريخيا نشأة روسيا والشعب الروسي تنحدر من العرق السلافي
عادة الحروب لها أسباب معلنة وأخرى خفيفه وهناك تداعيات نتيجة الحرب اذا فشلت
روسيا دولة كبيرة وقوية ولها نفوذ واسع عالميا، سياسيا واقتصاديا وعسكريا، ولها تأثير مباشر على كثير من الدول فإذا انهزمت او لم تحقق اهدافها في الحرب الحالية فتداعياتها على الاستقرار العالمي ستكون خطيرة جدا. آخذين بعين الاعتبار العقوبات الاقتصادية الغير مسبوقة التي فرضها الغرب على روسيا قبل ايام التي ستنهك الاقتصاد الروسي اكثر وستمس كل الشعب الروسي بلا استثناء بشكل خطير.
اما اوكرانيا فهي بلد مثل اي بلد اخر ذو تأثير محدود على السياسة العالمية، لذا فانهزامها لن يؤثر على أحد .
العقوبات الاقتصادية الغير مسبوقة جعلتنا أمام مفاجأة
البعض يتفاجأ أن كبرى الدول الحيادية تخلت عن حيادها مثل سويسرا التي جمدت الأموال الروسية في بنوكها.
الاقتصاد العالمي في حالة ركود لم يخرج منه منذ عام 2008 رغم محاولات انعاشه
ازداد الأمر سوءاً أثناء وبعد جائحة كورونا، الحل الوحيد هو تصفير النظام العالمي وهذا لا يحدث إلا بحرب كبرى.
حدث هذا قبيل الحرب العالمية الأولى 1914
وكان الاتفاق على أن تصبح سويسرا أرضاً محايدة لتكون ملجأً آمن لأرباح الحرب.
نفس الشيء تكرر عام 1939 بعد الانهيار العالمي.
الآن الأوضاع مشابهة لتلك والعالم من وجهة نظر النظام الرأسمالي بحاجة للحرب لتصفير النظام العالمي.
الغرب يسير في خطوات منتظمة وليس كرد فعل كما يحدث في معظم دول العالم الثالث وإنما كأنه يسير على خطة مرسومة سلفاً.
كان بإمكان الغرب أن يقبل أوكرانيا في حلف الناتو منذ اليوم الذي تخلت فيه عن ترسانتها النووية والقاذفات والصواريخ العابرة القارات كما فعل مع دول البلطيق.
ولكن الغرب ترك أوكرانيا وحيدة بجوار الدب الروسي الذي يعتبر اوكرانيا الحديقة الخلفية له منتظرين أن تقوم قيادة روسية بتهديد أوكرانيا فيتخذوها ذريعة لجر روسيا للحرب.
اجتياح روسي لأوكرانيا أو إجتياح العراق للكويت مثلاً كلها سيناريوهات موضوعة مسبقا تنتظر الممثل المناسب الذي يقوم بإشعال فتيل الأزمة.
خطط توضع في صندوق مقفل فيه كل السيناريوهات المحتملة والخطة المناسبة. حين يتحقق هذا السيناريو يتم سحب الخطة وتطبيقها أو إدخال تعديلات صغيرة عليها قبل التطبيق.
لذلك نرى خطواتهم متتابعة ومحسوبة وليست رد فعل أبداً . التوتر كان ومازال في أكثر من مكان في العالم كان احتمال أن تهاجم روسيا أوكرانيا
أو أن تهاجم الصين تايوان أو أن تهاجم كوريا الشمالية جارتها الجنوبية أو اليابان
كلها مدخلات لمواجهة دولية
مواجهة
الصين لن تخاطر باقتصادها لاسترجاع تايوان التي ستعود حتما يوما ما
الغزو الروسي لأوكرانيا أعاد الولايات المتحدة إلى موقع القيادة في الكتلة الغربية وليس في العالم بعد!، و وحّد أغلب الدول الأوروبية وراء هدفين رئيسيين:
*تعزيز الإنفاق العسكري بشكل ملحوظ
*التحرر من واردات الطاقة الروسية.
هذان الهدفان يخدمان أمريكا سياسياً واقتصادياً، للخروج من مستنقع الركود الاقتصادي.
فأمريكا خسرت الكثير من
رصيدها الخليجي نتيجة تحالف بايدن مع قطر متخطيا السعودية أكبر دول الخليج ثم تعامله المتعالي علي صناع القرار في الخليج و التقليل من شأنهم بتصريحات مهينة ورفض الاجتماع بهم وولي العهد السعودي مثالا علي ذلك، اضف إلي ذلك انتقاد امريكا المستمر للسعودية حول حرب اليمن التي لم ينجح التسليح الامريكي باهظ الثمن ان ينهي الحرب لصالحها
كان رد الفعل لدول الخليج هو الرفض السعودي والإماراتي للحديث هاتفياً مع بايدن، وهي سابقة هامة، مع توجه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للاتفاق مع الصين - احد اكبر مستوردي البترول السعودي - على بيع النفط بالعملة المحلية (اليوان) بدلا من الدولار. ذلك يعني أن الدول الخليجية أدركت أنها باتت لاعباً وليس قطعة على رقعة الشطرنج فقط. لذلك، فهي الآن تتحرك في إطار ما يحقق مصالحها الوطنية.
كما أن التعاون الاقتصادي والسياسي مع الصين لا يأتي بناء على شروط مسبقة، كما هو الحال مع الأمريكيين أو الأوروبيين.
الصين تسعى بكل السبل لتعزيز وجودها العالمي وتحقيق مصالحها لذا عليها أن تدرس جيدا كل خطوة قبل أن تعلن بشكل رسمي دعمها لروسيا أو تخليها عنها
الجميع بدأ يبحث عن مكان في مقدمة التنافس الدولي للهيمنة على العالم
أبواق الإعلام الغربي التي تتحدث عن العقوبات التي لم يسبق لها مثيل، كل فعل له رد فعل.. وهذه العقوبات ستجعل الدول الكبري ذات الاقتصاديات القوية و التي لا تدور في فلك الغرب تبحث عن نظم بديلة تخرج بها من عباءة الغرب إلي الأبد وسوف تلحق بها دول صغيرة كثيرة مستقبلا وهذا سيعود بالأذي علي الغرب لأن أهم سلاح كان لديه هو هيمنته علي النظام المصرفي العالمي وكذلك شبكة الإنترنت وما يلحق بهذه الأمور العديد من الأنشطة الأخرى.
التصريحات الامريكية المهددة للصين حال مساعدتها لروسيا علي تجاوز العقوبات ليست سوي قرع طبول هذه الأزمة العالمية بمثابة تصفية وتحديد لانحيازات ومواقف الدول. أكبر دول العالم من حيث عدد السكان لم تخضع للهيمنة الامريكية :الصين والهند وهما الآن اقتصاديات قوية لايمكن التعامل معهما بخفة ورعونة رعاة البقر التقليدية.
أول خسائر هذه الحرب الاتفاق النووي الإيراني
الأطراف الغربية تسعي جاهدة للانتهاء منه بأسرع وقت لتعود إيران كمورد للنفط والغاز لتعويض نقص النفط والغاز الروسي
ولكن روسيا تريد أن تحقق مكاسب هي الأخرى من خلال شروط لاتمام الاتفاق فهي أحد اضلاعه المؤثرة وهي تضع العقدة في المنشار ولن تكون لقمة سائغة يبتلعها الغرب بسهولة ولكنها ستكون شوكة في حلقه وهي ترتكز هنا علي وضعها المتميز في سوريا والذي يهم أطراف عدة أهمها الطرف الإيراني والإسرائيلي ودول الخليج وايضا أمريكا فهي شوكة أخرى في حلق الغرب.
الحروب تشتعل لدوافع معروفة ودوافع خفية لكنها في النهاية تغير الواقع علي الأرض والحروب بين الدول العظمي لاتقف عند مكاسب معلنة
القادة قلوبهم قاسية ولايهمهَم عدد الضحايا ولا ضياع حاضر الناس لكنهم يسعون دوما لتغيير المستقبل وفق تصورهم
لا أحد يملك مفاتيح فهم الحروب لأن ساحة الحرب تتغير حدودها ودوافعها وأدواتها وأطرافها مع الوقت و حتى التهديد بالنووي لم يؤثر فيهم للتراجع.
ورغم أن قرار خوض الحروب قرار صعب خاصة على الدول التي أصبحت تعيش في رفاهية نتيجة ارتفاع مستوى المعيشة بها لكن من أجل عيون القادة تسقط الامبراطوريات وتضيع البلدان
كان بإلامكان تجنب الوضع الراهن من أزمات اقتصادية وموجة من إرتفاع الاسعار ضربت العالم لو تخلى الرئيس الأوكراني عن استفزاز الدب الروسي