أخر الاخبار

بوابة المدار تنعي رحيل اسد الكلمة وشاهد علي الأحداث

رحل اسد الصحافة وأستاذ الكتابة بعد سنوات الخماسين  ياسر رزق
الكتابة عند ياسر رزق ليست مهنة ولا وظيفة ولا حتى موهبة – انما هى عبادة - صلاة - حياة – نَفَس - شهيق وزفير – أكسجين يملأ العقل قبل الرئة – 
يتمتع ياسر بذاكرة عالية الدقة فى رصد التفاصيل – وحين ينضبط الكادر على اللحظة المنشودة ، تلمع عيناه لمعة ذكاء تشى باقتناص اللقطة – فيتحول القلم بين يديه الى ريشة رسام بارع تنقش على فضاء الورق الأبيض خطوط طول وعرض – وبينها تنساب انهار الحقيقة ، لتنبت الحكمة على ضفافها لذة للقارئين ..
خلطة سحرية تشبه موسيقى موتسارت حين تلامس صوت فيروز فى ابداعات الرحبانية ، يصنع منها ياسر حبر قلمه الذى مازال يستخدمه ، فلم تنتزع منه تكنولوجيا الكيبورد رائحة عطره ، ولا رقة مشاعره ، لتظل كلماته كاملة الدسم ذات مذاق يجمع بين عذوبة النهر وجنون البحر ، 
لا أعرف كيف يلضم ياسر رزق مشاعر على أمين وصحافة مصطفى أمين ودهاء موسى صبرى وسياسة محمد حسنين هيكل فى خيط واحد – فى سبحة واحدة - فى كلمة واحدة - فى فكرة واحدة ، فى سطر ، فى مقال ، فى كتاب ..
بواقعية صلاح أبو سيف اختار ياسر عنوان "سنوات الخماسين" بين يناير الغضب ويونيو الخلاص لكتابه ، فماجرى على الأرض فى الحقيقة ، لم يكن ربيعا وإنما "زعابيب " ورياح وعواصف خماسينية هبت فى يناير وانقشعت فى يونيو 
فى الكتاب.. يملك ياسر عينا سحرية ترقب وتحلل وتربط الأحداث بالأشخاص بالمواقف 
وفى الكتاب يشهد ياسر بالحق شهادات لو كتمها من عاشها يصبح آثما قلبه 
وفى الكتاب تتوه المسافات بين الكاتب الراوى و بين القارىء الذى يجد نفسه بطلا لموقف حدث فى الميدان ، او لقصة عاش تفاصيلها فى عنوان جريدة او خبر فى نشرة، فيعود بالذاكرة لسنين عشرة مضت ، يتفكر ويتعلم ويعاهد نفسه امام نفسه بالّا يسمح لتلك الأيام بأن تعود.. 
شكرا لذاكرة ياسر ولعين ياسر ولقلم ياسر - وشكرا لمن تجشّم الشدائد واهبا روحه فداء لشعب أبىْ - أراد الحياة، فاختاره القدر ليكون مُخَلِّصا مُخْلِصا فى زمن عز فيه الإخلاص 
تعلمت من الكتاب أن التاريخ ربما لا يعيد نفسه - لكننا احيانا نرتكب أخطاء تستوجب ان نلقى المصير نفسه حتى لو اقسمنا على أن ما حدث لن يتكرر - فلننتبه
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -