أخر الاخبار

مصر تقترب من الاكتفاء الذاتي بالسكر

**الاقتراب من الاكتفاء الذاتي لإنتاج السكر.. إشادة واجبة**

- في الفترة الأخيرة حصل طفرة كبيرة في زراعة وإنتاج السكر، ومصر بقت بتنتج حوالي 90% من استهلاكها المحلي.
اللي حصل ده انجاز هايل جداً لما نقارنه بالأزمة الكبيرة اللي شفناها سنة 2016 لما كان السكر ناقص من السوق وتمنه كان أضعاف، وقتها غطينا الأزمة وطرحنا مقترحات وبعدها الحكومة نفذت أكتر من خطوة في خطة ناجحة لخفض الاستيراد وتوفير السلعة الأساسية دي.

- إيه اللي عملته الحكومة بالظبط؟ وإزاي نحافظ على اللي اتحقق؟ ده اللي هنتكلم عنه في البوست.
*****

كان إيه وضع السكر من 5 سنين؟

- في 2016 كانت احتياجات مصر من السكر 3.1 مليون طن، وكان اللي بيتوفر من الإنتاج المحلي 2.4 مليون طن، وده كان تقريباً 77% من الاحتياجات، والباقي الـ 700 ألف بيتم استيرادهم. 

- وده كان عامل مشاكل لأنه وقتها كان في فجوة كبيرة في سعر الدولار بين السعر الحقيقي والسعر الرسمي، وبالتالي كان في مشكلة كبيرة في تسعير السكر، وتجار كتير كانوا بيبيعوه في السوق السوداء عشان يعوضوا فرق السعر عليهم بالإضافة لربحهم.

- والمشكلة التانية كانت في إنه وزير التموين وقتها (اللواء محمد علي الشيخ) قرر إنه توزيع السكر في مصر كلها يقتصر على الشركة الحكومية القابضة، بدل ما كانت بتعمله مئات المصانع وشركات التعبئة والتوزيع، عشان يوفر فلوس ويكسب الشركة الحكومية. ولأنه كان قرار إداري غير ذكي ولا منطقي ولا مدروس حصلت وقتها أزمة بشعة نتيجة توقف كتير من المصانع، وبقا السكر بيتوفر فقط في المولات وسلاسل السوبر ماركت الكبيرة فقط، بينما معظم البقالات في القرى والمدن مكانش فيها سكر.

- ولأنه كمان وقتها الاستيراد مكانش محكوم بسقف محدد، وكان وصل لمرحلة إنه سعر السكر المستورد أرخص من اللي بيتصنع في مصر، فحصل إغراق كبير من السكر المستورد، لكن أسعار السكر عالمياً كانت زادت، فقررت معظم الشركات تصدر السكر للخارج عشان تكسب أكتر، والحكومة كانت نايمة تماماً لحد ما أغلب المستورد اتصدر تاني، وبقا في أزمة نقص كبيرة.

- بالإضافة طبعاً لمشاكل تانية متعلقة بحجم زراعة قصب السكر واللي هو محصول بيتزرع في 5 محافظات في الصعيد ( المنيا وأسوان والأقصر وقنا وسوهاج)، والمساحات المزروعة حوالي 300 ألف فدان وقتها، وإنتاجية الفدان الواحد بتطلع سكر، وخل، وعسل أسود، ومولاس. لكن المشكلة كانت في التعاقدات الحكومية مع الفلاحين اللي بتطلع بسعر أقل من السعر العادل للفدان وكمان الحكومة بتتأخر في دفع الفلوس للفلاحين، فكتير من الفلاحين كانو بيلجاوا لزراعة محاصيل تانية وعدم التعاقد مع وزارة التموين، خاصة وإنه طريقة الري بالغمر مكلفة جداً ومحصول قصب السكر شره في استهلاك المياه.

- باختصار الأزمة وقتها اتحلت بتدخلات سريعة وعاجلة، لكن المشاكل الهيكلية فضلت زي ما هيا بالنسبة للزراعة وتوفير الاحتياجات المحلية.
*****

طيب إزاي وصلنا للوضع الحالي؟

- وفق آخر إحصاء رسمي أصدرته وزارة التموين، إنتاج السكر بيطلع زي ما قلنا من محصول قصب السكر بحوالي 900 ألف طن، و 1.7 مليون طن من البنجر، و 250 ألف طن من صناعات محلية تانية، وده بيوصل لـ 2.8 مليون طن، يعني حوالي 90 % من حجم الاستهلاك المحلي للسكر.

- يعني بعد ما كانت الفجوة في استهلاك السكر بتصل أحيانا لمليون طن بقت تقريباً 350 ألف طن.
- ده حصل بكذا طريق، أولهم تطوير المصانع الحكومية وده أدى لزيادة طاقة تشغيل خطوط الإنتاج من 14 ألف طن إلى 21 ألف طن يوميًا بنجر.

- بالإضافة لتغيير سياسة تأخير المستحقات للفلاحين، وتحويلها لسياسة تحفيزية، يعني التموين بقت بتعفي مزارعي العروة المبكرة من ثمن التقاوي، بشرط التوريد في الوقت المحدد، بالإضافة لدعم خدمة الأرض.

- وده خلى شركة الدلتا للسكر في التعاقد على زراعة 120 ألف فدان بنجر بنظام الزراعة التعاقدية مع الفلاحين، بجانب إنتاج السكر السائب المحلي من البنجر، يتم إنتاج سكر المكعبات لاستخدامه في الفنادق وفي التصدير للخارج.

- كمان حصل زيادة في مساحة الزراعات بعد ما كانت 300 ألف فدان، بقت 640 ألف فدان، بالإضافة إلى صرف حافز لكل طن على درجة حلاوة تزيد عن 16%، وهي أقل نسبة حلاوة يتم احتسابها للمزارع، بالإضافة إلى نقل المحصول بالمجان من الحقول إلى المصانع، والسماح بنسبة شوائب 8%، وتحمل تكاليف الزراعة الآلية لتوفير نفقات الزراعة، وتوفير الخدمات الإرشادية للمزارع بالتعاون مع مجلس المحاصيل السكرية.​
*****

- طبعاً الوضع ده مش معناه إن كل حاجة اتحلت، مازال ممكن ميكونش مستقر بشكل دائم وفي تحديات قدامه، أهمها زي ما قلنا زراعة قصب السكر هي واحدة من أكتر الزراعات والمحاصيل الشرهة في استهلاك المياه، وفدان القصب الواحد بيستهلك 8 آلاف متر مكعب من المياه بأسلوب الري بالغمر.

- ومش بس كده، لكنه كمان بياخد وقت طويل في الزراعة وبقاؤه في الأرض، زي محصول الموز اللي بيشاركه في نفس الشراهة من استهلاك المياه، وتالتهم طبعاً هو الرز.

- لكن الرز بيتعمل فيه إجراءات كتيرة زي تقليل المساحات، والاعتماد على محسنات للتربة وسلالات بتقلل استهلاك المياه وتزود الإنتاجية للفدان، ودي نفس التحديات اللي قدام قصب السكر، واللي محتاج إنفاق أكبر على سلالات جديدة للزراعات، ومحسنات التربة، وغيرها من الأمور اللي محتاجة بحث وتطوير للزراعة، وتطوير أكبر لإجراءات وعمليات الري نفسها.

- وطبعاً بما إننا لسه منتهيناش من تهديد سد النهضة، فالأزمة معرضة إنها تحصل في أي وقت، بسبب إنه لو اتعمل ضبط للموارد المائية فالحكومة هتضطر تقلل المساحة المزروعة، وطبعاً ده من ضمن التأثيرات الكبيرة لسد النهضة على الزراعة وزيادة فاتورة الواردات.

- أيضا مهم الانتباه لاستمرار سياسة الحوافز المناسبة للفلاحين، وانها تتغير بتغير تكاليف الانتاج ونسب التضخم كل سنة، مش يتم التراخي بمجرد ما حصل انفراجة.
*****

- في جانب تاني مهم التنويه ليه وهي إنه الحكومة بتدعم السكر في التموين بشكل كبير ما يشجع على زيادة استهلاكه كمصدر طاقة رخيص، لكن دي مش أفضل سياسة لأن زيادة استهلاكه مش شيء صحي، وبتعمل أضرار صحية كبيرة زي زيادة التعرض لمرض السكري، واللي هو منتشر أصلاً في مصر بدرجة كبيرة، وصلت لأكتر من 8.9 مليون مواطن، ومصر في المركز التاسع عالمياً.
ده غير أعراض السمنة اللي أيضا بتكون من عوامل الاصابة بأمراض أخرى.

- دول تانية كتير بتحط معايير تحاول تقدم للناس بدائل لخفض استهلاك السكر، واتكلمنا سابقا عن نماذج أهمها مكونات الوجبة الغذائية الحكومية في المدارس. 
- وممكن أيضا توجيه جانب من الدعم لسلع أخرى أفضل في القيمة الغذائية والصحية للفقراء، خاصة إن الخضروات والفواكه مش بتدخل في السلع التموينية، حتى لو الكلفة أغلى هتكون برضه أقل لو دخل في الحساب الكلفة الصحية لعلاج أضرار الافراط في السكر.

- مرة تانية دي خطوة جيدة على الطريق تستحق الإشادة، وبالمجمل كل خطوة تركز على الاستثمار في القطاعات الانتاجية هيا خطوة محتاجينها، ونتمنى الإصلاحات دي تستمر في مجالات الزراعة وتطال محاصيل أخرى ومنتجات غذائية إستراتيجية تانية.
*****

- بوستات سابقة:

 **القصة الكاملة لأزمة السكر** - الجزء الأول
https://www.facebook.com/743199805779919/posts/928986063867958/?d=n

** حلول لأزمة السكر** - الجزء الثاني
https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=931895073577057&id=743199805779919
*
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -