أخر الاخبار

سيماف شركة عملاقة في الانعاش

سيماف مصنع وطني عملاق في الانعاش يقوم مصنع سيماف بالتصنيع المحلي للعربات والوحدات المتحركة (عربـات ركـاب- تـولـيـد قـوى- جــرارات - بضـائــع -مـتـرو أنـفـاق - تـرام) تم إنشاؤه عام 1955، وتم الافتتاح الفعلي والعمل به اعتبارا من 3 ديسمبر 1958، في منطقة عين حلوان على مساحة 150 ألف متر مربع، وتحيط به أرض فضاء مجاورة له ومملوكة للمصنع بمساحة 100 ألف متر مربع للتوسعات المستقبلية المطلوبة. وهو المصنع الوحيد في مصر المتخصص في إنتاج عربات القطارات، وكان الهدف من إنشائه تغطية احتياجات مصر والعالم العربي والأفريقي من عربات السكك الحديدية بأنواعها (الركاب - توليد القوي - البضاعة) وعربات مترو الأنفاق والترام.
 
قامت الهيئة العربية للتصنيع بشراء المصنع عام 2004 في إطار سياسة الدولة للخصخصة، وانضم المصنع إلى مجموعة مصانع وشركات الهيئة ليتكامل معها في مجال صناعات وحدات ومعدات ومكونات السكك الحديدية، ويبلغ عدد العاملين بالمصنع (1200) عامل.

وعلى مدار هذا التاريخ الطويل تم نقل المعرفة والتكنولوجيا لتصنيع البواجي المختلفة الخاصة بكافة المنتجات حتى أصبح إجمالي ما تم إنتاجه (38660 بوجي)، حيث تم الحصول على رخصة تصنيع بواجي جانز المجرية المستخدمة في عربات الركاب بالهيئة القومية لسكك حديد مصر.وقد قام المصنع بتصدير بعض عربات الركاب المكيفة والعادية وعربات توليد القوى اللازمة لها لدولة السودان الشقيق، بالإضافة إلى بعض عربات نقل البضائع لدولة سيريلانكا، كما تم تصدير 2 هيكل بوجي عربة لشركة جانز المجرية كعينة لبواجي مشروع العربات الجديد المطلوب.

وقد تم التدرج في نسب التصنيع المحلي لكافة المنتجات المذكورة، حتى أصبحت أكثر من 95% بالنسبة لعربات نقل البضائع وعربات الركاب العادية/المكيفة وعربات ترام الرمل بالإسكندرية، بينما تراوحت هذه النسبة من 25-45% بالنسبة لقطارات مترو الأنفاق نظرا لاحتواء هذه المنتجات علي معدات وأجهزة كهربائية واليكترونية متعددة لم يتم البدء في تصنيعها محليا داخل مصر.
حيث يتم تصنيع جميع الأجزاء بداية من البوجي والكهرباء والكراسي حتى شاسية العربة سواء كان حديد أو سالستين بواسطة أحدث الماكينات ثم تجميعها وكل ذلك بأيادي مصرية خالصة، ويتم مراجعتها وإجراء خمسة اختبارات عليها الأول دخولها تحت مضخات مياه للتأكد من عدم التسريب، والثاني مقياس الوزان لأن كل عربة لها وزن معين لا يجوز الزيادة عنه، وبعدها تتم مراجعة كهرباء العربة لمنع حدوث ماس كهربي مع مرور الوقت وذلك بواسطة المهندسين، كما يتم مراجعة البوجي ومدى القدرة على تحمل الأوزان المحددة في مواصفات التصنيع، وأخيرا يتم تجربة العربات علي القضبان داخل المصنع لتجربة الفراملمصنع سيماف لمن لا يذكر كان يتبع الشركة المصرية العامة لمهمات السكك الحديدية، إحدي شركات الصناعة الثقيلة التي نجت من مقصلة الخصخصة والتصفية. الشركة التي تأسست في منتصف الخمسينيات متخصصة في انتاج عربات السكك الحديدية و المترو والترام ونقل البضاعة وقطع الغيار اللازمة لها، فضلا عن انتاج مستلزمات السكك الحديدية. وفي إطار تفكيك البنية الصناعية المصرية، تم في عام 2002عرض شركة سيماف للبيع. مصير سيماف لم يكن من المنتظر أن يختلف كثيرا عن مصير شركة المراجل البخارية، التي أدي بيعها لشركة أجنبية إلي إيقاف نشاطها في إنتاج الغلايات الضخمة التي تقوم بحرق الوقود لتوليد البخار الذي يستخدم كقوي محركة في محطات توليد الكهرباء وفي الصناعات المختلفة، وانتهي الأمر بتخريد معدات المراجل البخارية، وانتقال موجوداتها لشركة تعمل في مجال الاستثمار العقاري. القضاء المصري حكم منذ عدة سنوات بفساد عقد البيع، وقضي بإعادة الشركة لملكية الدولة، إلا أن الحكم لم ينفذ و لم تقم للشركة قائمة حتي اليوم.

سيماف نجت من هذا المصير الكارثي. قامت الهيئة العربية للتصنيع بشرائها لتتحول إلي أحد المصانع التابعة لها. واليوم تتعلق الأبصار بهذا المصنع ليكون نقطة البدء في إحياء صناعة النقل المصرية، وخلق بنية انتاجية قوية قادرة علي تجديد وتطوير أسطول قطارات السكك الحديدية المتهالك، وتوفير عربات مترو الأنفاق اللازمة للخطوط الجديدة، ومواكبة التوسع في الشبكة، وتجديد وإحياء عربات ترام الإسكندرية، وتوفير احتياجات خطوط السكك الحديدية في الأنفاق التي سيتم شقها إلي سيناء. نتطلع إلي كل ذلك وتحدونا آمال عريضة في تحقيق زيادة مستمرة لنسبة المكون المصري في تلك الصناعات، وإيجاد بنية، انتاجية تجد طلبا علي صناعات مصرية أخري،. وتشكل حافزا علي نموها وتوسعها.

تحويل تلك الآمال العريضة إلي واقع فعلي يتطلب إعادة الاعتبار للتصنيع، وعلي وجه التحديد لدور الصناعات الثقيلة في الاقتصاد المصري. تحويل تلك الآمال إلي واقع فعلي تتطلب إحياء صناعة الحديد والصلب، أساس إنتاج الآلات وقطع الغيار و خطوط السكك الحديدية و القطارات والسيارات والكباري وحديد تسليح المباني والإنشاءات. إعادة الاعتبار إلي التصنيع وتحقيق تطلعات صناعة النقل تتطلب إحياء وتطوير شركة حلوان للحديد والصلب التي تعمل حاليا بنحو 25% من طاقتها الكاملة. تتطلب أن تخرج الحكومة من الأدراج تقرير الشركة الانجليزية تاتا ستيل التي تم تكليفها بإعداد دراسة تفصيلية لإعادة هيكلة حلوان للحديد والصلب وتم تقديمها لوزير الاستثمار في أغسطس 2014، أي منذ عام كامل، وللآن لا حس ولا خبر!

تقرير الشركة الإنجليزية قدم خطة إنقاذ عاجلة لشركة حلوان للحديد والصلب كي تعمل بطاقتها الكاملة، كما قدم مجموعة من خيارات التطوير المستقبلية لأعمال ونشاط الشركة. خطة الإنقاذ العاجلة تنصب علي كل من الآلات والمعدات المتهالكة التي توقفت أعمال صيانتها وإحلالها لسنوات طويلة، والبشر القائمين علي الإنتاج الذين تم التفريط في عدد ليس بالهين من كوادرهم وخبراتهم المهنية من خلال المعاش المبكر وعبر سياسات إعداد الشركة للبيع والخصخصة. تنفيذ تلك الخطة يتطلب أولا وقبل كل شيء توفير فحم الكوك اللازم لتشغيل حلوان للحديد والصلب بالكميات والجودة اللازمة، حيث إن كميات الفحم التي تحصل عليها الشركة حاليا لا تكفي إلا لتشغيل فرن واحد من أفرانها العالية الأربعة، وبأقل من نصف الطاقة الكاملة لذلك الفرن. الشركة المصرية لفحم الكوك تنتج مايكفي لتشغيل مصنع حلوان بطاقته الكاملة أربع مرات، ولكنها تمتنع عن تزويده باحتياجاته، رغم تبعية الشركتين لنفس الشركة القابضة.

أما فيما يتعلق بالتمويل اللازم لتنفيذ خطة الإنقاذ العاجلة فقد قدرته الشركة الإنجليزية بنحو 367.5 مليون دولار، أي مايعادل نحو 3 مليارات جنيه. هل أكون مغالية لو أكدت أن المصريين الذين جمعوا 64 مليار جنيه في بضعة أيام لتمويل إنشاء قناة السويس الجديدة لن يصعب عليهم توفير ثلاثة مليارات جنيه لإنقاذ قلعة الصناعة الثقيلة في مصر؟ المطلوب قرار حاسم بإلزام شركة الكوك المصرية بمد مصنع حلوان بالاحتياجات اللازمة لتشغيل أفرانه بطاقتها الكاملة. المطلوب قرار حاسم بالبت في تقرير الشركة الإنجليزية، والذي أوكلت الحكومة دراسته إلي لجنة، من بين أعضائها وياللمهزلة، نفس المسئول الكبير السابق الذي قام بعرض سيماف للبيع! المطلوب إعداد خطة تفصيلية للتنفيذ بتوقيتات محددة ونتائج واضحة تعلن علي جماهير الشعب المصري وتدعوهم للاكتتاب في تمويلها.

عودة الحياة لسيماف ولصناعة النقل المصرية لا يمكن أن تتحقق إلا بإحياء وتطوير صناعة الحديد والصلب. الشعب رقبته سدادة، فماذا عنك يا حكومة؟
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -