أخر الاخبار

الدول العربية بين الرشد والمراهقة السياسية

الدول العربية ... بين الرُشد ، والمراهقة السياسية “2 “
—————
بقلم : نبيل أبوالياسين 

تحدثت في المقال السابق عن الصراع الدائر في الخليج وبعض الدول العربية  ، وصفتهُ بالمراهقة السياسة ، وعدم رُشد سياسي، عندما نرّ بعض المُستخدمين فيه كأدوات ، وأداوات عقيمة لاتنتج إلا بالتبعيه التي تجعلها عبوديه للمتصارعين ، وأشرت إلى ؛ تحذير "منظمة الحق " التي أتشرف برئاستها ومنظمات أخرىّ ، من خطورة التطبيع مع إسرائيل على الأردن في عام 2013 ، وعلى كل الدول العربية.

وختمت مقالي السابق حيثُ قلت إن العرب أصبحوا ميدان رماية لأكثر أرض تمارس فيها أمريكا إلقاء نفايتها وناشدت حكام الخليج ، والعقلاء من مستشاريهم وتسأءلت هل فقدنا الرشد السياسي وأصبحت الساحه العربية تمارس مراهقة سياسية ، وكان سؤالي الآخير ما هو دور مصر في الصراع ...
وهذا ما سأطرحهُ في مقالي هذا.

•• دور مصر في الصراع قياساً علي حرب الخليج السابقة الآولى ، والثانيه...

مصر كانت دائماً أحد الأضلاع البارزة في صياغة سياسات الشرق الأوسط لفترات عده ، ولكن بدأ هذا الدور بالتراجع بوتيره متسارعة، فبعد أن كانت القاهرة منبراً رئيسياً لمشروع التكامل الأفريقي والطموحات "لـ "وحدوية العربية في الخمسينيات والسيتينات ، المتقدِّمة لمبدأ عدم الإنحياز في الوقت الذي كانت تسيطر فيه سياسات الإستقطاب من جانب الولايات المتحدة
الأمريكية والإتحاد السوفييتي .

ولكن بدأ هذا التأثير المصري يتراجع بعد هزيمة 1967، وما أعقبها من تحول مصر في عهد الرئيس محمد أنور السادات لـ المعسكر الغربي بقيادة واشنطن، إضافةً الي تطبيع العلاقات مع إسرائيل آن ذاك ، وخروج مصر من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي، لتفقد بذلك أحد أهم أوراقها   السياسية ومن أهم الأسس التي إستندت عليها إستراتيجية النفوذ الإقليمي المصري علي مدار 30 عاماً هي «القضية الفلسطينية».

وما نراه أنهُ لم تتولّ مصر دوراً إقليمياً قيادياً منذ 1973 ولم تقم بأي عمل مؤثّر على صعيد السياسة الخارجية منذ عام 1978
 رغم أن مصر تعُد توأم العروبة بالنسبة للدولة الفلسطينية على مدار مراحل تطور قضيتها والذي يجب أن تكون علية في الوقت الحالي من خلال التحركات على الساحة الدولية وضلوعها بإشراف مباشر من القيادة السياسية برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتعزيز دور مصر الإقليمي نظراً لأهميتةُ في مساندة القضية الفلسطينية على المستوى الرسمي والعربي والشعبي، والدفع بالقضية الفلسطينية على الساحة.

• من شدة الهم للمشهد التطبيعي

موجة التطبيع أو إن أصح التعبير وباءالتطبيع والخوارج الجدد ، الذي يجتاح المنطقة العربية بأكملها بشكل سافر وإستفزازي أكثر خطورة وكارثية من وباء فيروس كورونا ، حيث مَوجة الأخير في طريقها إلى التراجع والزوال والتقلَّص .

ومن لايُدرك آثار وتكاليف التطبيع نؤكد لهُ أنها ستكون أكثر ضخامه وجسامه،لأنها تمسّ نسيج الأمة العربية وتاريخها وتفني  بالكثير من عوامل صمودها وإستمرارها، في ظل الموجة الراهنة من الحروب الجديده التي تقودها السيطرة  «Imperialism» الأمريكية والحركة الصهيونيه على نحو يُنذر بما هو أخطر من مجرد تعريب ؛ وباء خطير يجب التصدي لهُ قبل أن يتجذّرَ ويَقوىّ عظم «الخوارج الجُدد».

ونري أنهُ رغم تراجع الموقف العربي الرسمي والتنازلات التي يتم تقديمها لدولة إسرائيل، نجد أن الموقف على الأرض يختلف تماماً عن وعـود إسرائيل ، إذ لم يتوقف الإستيطان وبناء المستوطنات وإغتصاب الأراضـي الفلـسطينية،
وعدم التقيد بتنفيذ الإتفاقيات المتعلقة بالحكم الذاتي أو التطبيع مع السلطة الفلسطينية أي بمعنى أوضح وأدق أن العرب مطالبون بتوسيع دائرة التطبيع رغـم أن إسـرائيل تـرفض تنفيـذ إي من الإتفاقيات التي وقعتها في مؤتمري مدريد ،وأوسلو أمام الجميع  .

وكـذلك عـدم الموافقـة علـى مفاوضات الحل النهائي أو الدائم، وعدم الموافقة على إقامة الدولة الفلـسطينية، وعدم الإعتراف بحق العودة للفلسطينيين في الشتات ، وهذا ما أكدتةُ تصريحات أعضاء الكنيست الإسرائيلي ، وزير «شؤون القدس» في الحكومة الإسرائيلية الحاخام "رافي بيرتس ” ، ووزير التعليم العالي زئيف إليكين، وهو من حزب “الليكود” الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو منذُ أيام قليله أنهُ لا مكان لـ عاصمة فلسطينية في القدس الموحدة، لا يوجد ولن يكون مثل هذا، ببساطة في تأكد منهُم “لن يكون”.

إن تطبيع أي دولة عربية ، معناه الحقيقي وبدون مغالاه هو التنكر لـ حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولتهُ المستقلة ، عاصمتها القدس ، والتخلي عن المبادرة العربية التي تم إعلانها في عام 2002، ومن الأمور التي تُثير الغرابة هو إعتراض رئيس مجلس الشورى السعودي، العام الماضي على توصية أمام مؤتمر الإتحاد البرلماني العربي ترفض كافة أشكال التقارب والتطبيع،فهل تغير هذا بين عَشِيَّةً وْ ضُحَىٰهَا  فما الذي تبقى، وهل هناك ما يحفظ ماء الوجه إزاء مثل هذه المواقف الشاذة والتي لا يقبلها أي إنسان حُرّ؟ 

خطيئة سياسية كبرى، وسلوكاً مضراً بمصالح الأمة وأمنها القومي على المدى المنظور فضلاً عن أنه ُ
يعُد طعنه غادرة في ظهر الشعب الفلسطيني ، وإن لم يُدرك هؤلاء "المطبعين “ إن إسرائيل ستبقى العدوّ المشترك الأول للأمة العربية والإسلامية جمعاء كما أخبرنا رب العزه ونبيه ﷺ فهذه مصيبةً كبرى .

ومن المُخزي نرّ تبريرات ساقتها وتُسوقها الدول المطبعة حول إستفادة الشعب الفلسطيني وقضيتهم من إبرام تلك الإتفاقيات "التطبيع " مع العدو، سياسياً وإنسانياً واستراتيجياً وهذا ليس لها أيّ رصيد حقيقي من الصحه ، والشعب الفلسطيني، والشعوب العربية ، والإسلامية حتى شعوب الدول المطبعه رافضه رفضاً باتاً لهذا التطبيع وإن لم تتراجع  سينعكس هذا الرفض الشعبي على الدول المطبعه بغضب لايحُمد عقباه في السنوات القليلة المقبله .

إن النكبة الفلسطينية الحالية تُمثل أزمة إنسانية حقيقيه إرتكبتها العصابات الصهيونية في حق الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 70 عاماً بقتل الكثير من  المواطنين ونهب الأراضي والممتلكات، وذكرىّ كل هذا الأحداث تمر اليوم وسط أجواء مشحونة في ظل خرق الإتفاقيات الدولية ووقف تمويل وكالات الإغاثية منذُ بداية العام الماضي على مرأى ومسمع من العالم، فضلاً عن تنفيذ عدد من الإجراءات الإجرامية واللا إنسانية ضد الشعب الفلسطيني .

وفي ظل كل هذا نرّ تسارُع وهرولة البعض على التطبيع بتشجيع الآخرى الذي لولا خشيتةُ من رفض شعوبهم القدوم على هذا لـ كانوا أول المُهرولين في مقدمة المتطبعين ؛ ، في المحصلة يبقى القول الفصل بأن آخر إحتلال في العالم مصيره الزوال وهذا ما لم يدركهُ المطبّعون والداعمين لهم .

وختاماً ؛ إن لم نُدرك جيداً خطورة الوضع الحالي من المخطط الصهيوني والذي هدفهُ في النهاية  هو«مصر» ؛ أكبر دولة تُشكل خطر على الكيان الصهيوني هي مصر وبالتالي مايقومون به الآن «التطبيع» مع العرب لإضعاف الآمة العربية لتحطيم أركانها  «مصر» حتى تقدم بعد ذلك على طبق من ذهب لإسرائيل ، وتُقام دولتهم من الفراط إلى النيل كـ  خطوه أولى وللأسف هذا ليس بخرافات بل حقيقة ما يخططون له .....ومن  يقول إنها خُرافات الرد  «الخرافات» خلقت دولة تسمى إسرائيل ...وهذا ما سأطرحهُ في المقال القادم .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -