أخر الاخبار

دولة قوية بل شعب متحضر

للدكتورة آيات الحداد

لا مسمى لدولة قوية بل شعب مُتحضر!:

أمريكا التي يتحدث عن عظمتها العالم اليوم، لم يسأل أحد نفسه : كيف أصبحت أمريكا هكذا ؟ من المعلوم ان جورج واشنطن هو من أسس امريكا، وحولها من لا شيء الى ان تصبح كل شيء، وذلك بفضل اتباع وتطبيق مبدأي الجزاء والعقاب، وبفضل الاعتماد على العنصر البشري والشعور بأهميته بل وتقديس أعمال البعض منهم وليت الأمر يتوقف عند ذلك الحد بل تُراعي أمريكا في المقام الاول المواطن الامريكي وتحيطه برعاية كاملة ومن جانب المواطن الامريكي فهو يتبع ويطبق القانون، فنشاهد اليوم امريكا يسودها النظام بكل شيء وذلك نتيجة لوجود قانون يطبق على الجميع، وكل شيء يطبق بنظام وقانون حتى لا يكون هناك مجال للتحايل على القانون والافلات من العقاب عند عدم اتباعه، فمن يتمعن تاريخ أمريكا يجد ان بناء البيت الابيض كان بالحجر وهو يرمز لعدم بقاء اي رئيس في الحكم لمدة طويلة اما الكونجرس فهو مبني من الجرانيت ويرمز لبقاء ممثلي الشعب اي البقاء للشعب، فالشعب الامريكي يهتم بالقوانين ولديهم نظام ومن ذلك أيضًا، بناء الكونجرس بواشنطن لا يعلوه اي بناء آخر وذلك يرمز ايضًا بأن لا أحد يعلو على الشعب وممثلي الشعب ، فالكونجرس بقرارته يعلو على الكل ، فهو اعلى من الرئيس ، بل لديه الصلاحية في محاسبة الرئيس ، فهو بذلك يجب ان يأخذ صلاحيات حتى يستطيع القيام بذلك ، واي قرار خاص بالولايات المتحدة الامريكية ولو صغير لابد من الرجوع للكونجرس، كما ان تمثال توماس جيفرسون مصمم بالنظر للبيت الابيض حتى يذكر الرئيس دائمًا بإحترام الدستور ، فكل ما تنبهر به من نظام وقوانين وغير ذلك سببها يرجع للشعب الامريكي، فلا أتحدث عن التكنولوجيا او فخامة المباني ، فمن يتمعن في العاصمة الادارية الجديدة يجد أنها تشبه واشنطن دي سي من حيث انها العاصمة وبها جميع مؤسسات الدولة والمصالح الحكومية التي تتميز بالفخامة ، بل اتحدث عن الشعب الذي يحافظ على تراث بلده ويلتزم بقوانينها ، وعن سيادة القانون وان لا احد فوق القانون ، والعلاقة دائمًا طردية ما بين الحكومة والشعب ، فالشعب لن يلتزم بالقوانين الا اذا وجد العدل وتطبيق مبدأي الجزاء والعقاب ، والحكومة لن تستطيع القيام بما عليها من التزامات الا بمساعدة الشعب في الالتزام بالقانون ، وسوف أعطي مثال بسيط من خلال زيارتي للولايات المتحدة الامريكية، سوف تجد الالتزام بقواعد سير المرور واحترام المشاه ، والكل ينتظر دوره فالكل يحترم الاشارة ولن تجد مخالفة سواء من المشاة او من سائقي السيارة لقواعد المرور حتى ولو الشوارع خالية ! حتى سائقي سيارة الاجرة يتعاملون بفاتورة فعند محاسبتك يعطيك ورقة بها المبلغ المطلوب، ولن تجد احد يخرج عن القانون، لانهم يعلمون جيدًا بأن لا أحد يستطيع التحايل على القانون بل يخشوا العقاب ، واليوم أصبحنا كذلك بالتدريج ، فاليوم أصبح القانون يُعاقب الكل لا فرق بين شخص وآخر ولا أحد يستطيع الإفلات من العقاب، فيتم اتخاذ إجراء فوري جراء اي واقعة او حادثة، فمن آمن العقاب أساء الأدب نعم هذه حقيقة ، فالعقاب مهم وتطبيق العقاب أهم ، فلن تجد أبدًا دولة متقدمة الا وورائها قانون يطبق على الكل وشعب يلتزم بالقانون ! فإذا أرادت دولة أن تصبح قوية فلا يحتاج الأمر الى ثورة وتغير في وجوه بل يحتاج الى ثورة على النفس ، بحاجة لتغيير سلوكنا والرجوع للقيم والمباديء التي افتقدناها اليوم ، فبالعدل والقانون والمساواة تصبح الدولة قوية ويصبح النظام حليفها اما غير ذلك فهو بمثابة الجري وراء سراب! ونحتاج تغيير من انفسنا اولًا وكل شخص يبدأ من نفسه ولا ينتظر الآخرين فهناك حكمة تقول : "غير نفسك اولًا قبل ان تحاول تغيير العالم ، وعند تغيير نفسك سوف يتغير العالم بأسره" .
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -