أخر الاخبار

رشا عبد الفتاح وزواج الأقارب ودور الام والدولة

كيف يمكن للأم حماية جنينها في أثناء الحمل؟

على الأم الحامل تجنُّب التعرض للأشعة التشخيصية أو العلاجية أو الاختلاط بأطفال مصابين بالحصبة الألمانية خلال بدء فترة احتمال الحمل (النصف الثاني من انتهاء الدورة الشهرية) وطوال الشهور الثلاثة الأولى للحمل؛ لأن كل تلك العوامل قد تؤثر سلبًا على صحة الجنين. فضلًا عن ضرورة اهتمام الأم بتناوُل الأغذية الصحية مثل الفواكه والخضراوات والمواد الغنية بالبروتين. وتجنُّب تناوُل أطعمة غير مغسولة؛ لاحتمال احتوائها على "طفيل التوكسوبلازما" الذي يسبب تشوُّهات الأجنة. بالإضافة إلى إجراء اختبار "ألفا فيتو بروتين" (AFP)، ويُستعمل هذا التحليل من أجل تشخيص العديد من الأمراض الوراثية عند الجنين.

-وماذا عن "مرحلة ما بعد الولادة"؟

يجب التأكد من عدم إصابة المولود بأيٍّ من أمراض سوء التمثيل الغذائي الوراثية، وكذلك تحديد فصيلة دم الأم والأب، ففي حالة ما إذا كانت الأم ذات "Rh" سالب وفصيلة كلٍّ من الزوج والطفل "Rh" موجب، لا بد من إعطاء الأم المصل المضاد لأمراض الأنيميا الحادة والصفراء الشديدة خلال الـ48 ساعة الأولى من الولادة أو إذا حدث إجهاض، وذلك لتجنُّب حدوث المرض العصبي المعروف باسم "اليرقان النووي"، الذي يؤثر على جميع وظائف مخ الطفل؛ إذ تترسب مادة "البيليروبين" (صبغة صفراء اللون) في خلايا المخ، وهذه المادة تنتج من زيادة تكسُّر خلايا الدم الحمراء.

-وما الدور الذي يمكن أن يؤديه صنَّاع القرار للحد من تلك الأمراض؟

يجب عليهم دعم مراكز بحوث الهندسة الوراثية لتطويرها، وعمل سجلات للمرضى المصابين بأمراض وراثية، مما يفيد في إجراء التحاليل الإحصائية لمعرفة احتمال أن يكون بين أقاربهم مَن يكون حاملًا لهذا المرض، والتأكُّد من ذلك بالفحوص الوراثية، والاستعانة ببرامج الكمبيوتر التشخيصية الحديثة لتشخيص الأمراض النادرة.

-كيف تقيِّمين فحوصات ما قبل الزواج في مصر من حيث جدِّيَّتها ومدى كفايتها؟

لا أستطيع الحكم على مدى الجدية للفحوصات التي تتم خارج عيادات الوراثة في المركز القومي للبحوث، ولكن ما يحدث هو أن المقبلين على الزواج يحصلون على شهادة بسلامتهم لإتمام الزواج دون حرص منهم على إجرائها، وعلى مستوى المركز القومي للبحوث، وتحديدًا شعبة الوراثة البشرية، نقوم بعمل شجرة العائلة لكلٍّ من الشاب والفتاة، ونسأل عن الأب والأم والأشقاء والجد والجدة والأخوال والأعمام، ويلي ذلك إجراء فحص إكلينيكي كامل على كل أجزاء الجسم، ثم إجراء تحاليل دم وتحليل مرض "الثلاسيميا"، الذي تصل نِسَب إصابة حاملي المرض به بين المصريين إلى حوالي 10%.

-وماذا لو اكتشفتم أن المقبلين على الزواج حاملون للمرض؟

لا نمنعهم من الزواج، لكننا نصارحهم ونخبرهم بما يجب عليهم فعله قبل الحمل وفي أثناء الحمل، ثم نُجري دراسةً وتحليلًا للكروموسومات من عينات الدم؛ لأن هذه التحاليل تكشف وجود أي خلل في عدد الكروموسومات أو تركيبها، مع ملاحظة أن "تحليل الكروموسومات" لا يعني دراسة الجينات كما يعتقد البعض؛ إذ إن عدد الكروموسومات في كل خلية 46 كروموسومًا يمكن رؤيتها بالفحص الميكروسكوبي بالتكبير إلى ألف مرة، في حين يبلغ عدد الجينات في كل خلية حوالي 20 ألفًا ولا يمكن رؤيتها بالميكروسكوب، كما أن تحليل الكروموسومات لا يُظهر إلا العيوب الخاصة بعدد الكروموسومات أو تركيبها وهذه عددها قليل، مقارنة بالأمراض التي تورث نتيجة عيوب في الجينات دون أن يصاحب ذلك تغيُّر في الكروموسومات والتي يزيد ما عُرف منها عن 6 آلاف مرض. ومن هنا تأتي أهمية الاستشارة الوراثية وشجرة العائلة، إضافة إلى إجراء الفحوصات.

-ما المقصود بشجرة العائلة؟ وما مدى أهمية الاستشارة الوراثية للحد من الأمراض الوراثية؟

كما هو معروف تنتقل الصفات الوراثية -سواء كانت طبيعية أو مرضية- من جيل إلى جيل عن طريق الكروموسومات؛ إذ يحدث إخصاب لبويضة الأم التي تحمل نصف عدد الكروموسومات ونصف الجينات عن طريق خلية ذكرية (حيوان منوي) تحمل نصف عدد الكروموسومات والجينات من الأب، وأي صفة في الفرد يحددها عاملان وراثيان مصدرهما الأم والأب، ويتحدد ظهور الصفة على نوعها، فإذا كانت سائدةً تظهر بمجرد وجود عامل وراثي فقط، وإذا كانت متنحيةً لا تظهر إلا بوجود عاملين وراثيين يحددان الصفة. وبدراسة طرق انتقال الأمراض الوراثية من جيل إلى جيل تتضح طرق توارثها، وبالتالي تُعرَف احتمالات ظهورها في الأجيال القادمة.

-ما التفسير العلمي لارتباط زواج الأقارب بالأمراض الوراثية؟

يمكن تفسيره بأن نسبة التطابق في الجينات بين أي شخصين تكون صفرًا إلا في حالة التوائم من بويضة واحدة، أي التوائم المتماثلة وتصل نسبة التطابق 100%، ومع انتقال الجينات من الأب والأم إلى الأبناء فإن نسبة التماثل في الجينات بين الأب أو الأم والأبناء تكون 50%، وتختلف نسبة التشابه في الجينات وفق درجة القرابة، فهي بين الأشقاء 50% أيضًا، وبين الفرد وجده وخاله وعمه 25%؛ وبين أبناء العم أو الخال 12.5%. ولذلك لا فرق في خطورة زواج الأقارب بين أولاد العم وأولاد الخال. وهذا التشابه في الجينات يفسر احتمال تَشابُه الجينات المرضية، مما يسبب ظهور الأمراض الوراثية المتنحية في أبناء الأزواج الأقارب، فكل فرد طبيعي يحمل ضمن جيناته على الأقل من 5 إلى 6 جينات تسبب ظهور الأمراض الوراثية متنحية، وإذا اجتمعت تلك الجينات لدى الزوج والزوجة يظهر المرض في الأبناء، وتزيد احتمالات ظهورها في الزوجين في حالة الأقارب، وتزداد احتمالات ظهورها وفق درجة القرابة.

-لكن هناك مَن يستشهد بنماذج لزواج أقارب نتج عنه مواليد أصحاء، ما تعليقك على ذلك؟

هذا مردود عليه بأن انتقال الصفة الوراثية المتنحية قد يستمر من جيل إلى جيل دون التقاء زوجين يحملان الجين نفسه المسبب للمرض، فإذا تزوج شخص من ابنة عمه، وكان لهما عم مصاب بمرض وراثي متنحٍّ نادر مثل مرض "الفينيل كيتونيوريا" -أحد أمراض التخلف العقلي- فإن نسبة ظهور المرض في أبنائهم تكون 1/36، بينما تقل تلك النسبة إلى 1/10000 إذا كان الزوجان من غير الأقارب.

-ما سبب التحذير المتكرر من تأخُّر سن الإنجاب؟ وما العلاقة بين سن الإنجاب والأمراض الوراثية؟

تزداد حالات اختلال عدد الكروموسومات مع تقدُّم سن الأم عند الإنجاب، ومن أشهر الأمراض التي تنتج عن ذلك مرض (داون)، ويحدث بسبب زيادة عدد الكرموسوم رقم (21) ليصبح ثلاثة بدلًا من اثنين، كما تزداد الأمراض الناتجة عن اختلال الجينات مع تقدُّم سن الأب، ففي الأنثى يحدث الانقسام الميوزي الأول في خلايا المبيض في الأنثى ليختزل عدد الكروموسومات من 46 إلى 23 كروموسومًا. ويحدث هذا الانقسام للأنثى وهي لا تزال جنينًا في الشهر الخامس أو السادس، وتخرج أول بويضة في عملية التبويض استعدادًا للتلقيح في سن 12 سنة، وتستكمل خلية المبيض المكوِّنة لآخر بويضة في حوالي سن الخمسين. والأنثى عندما تولد تمتلك مخزونًا من البويضات يتكون من 750 ألف بويضة غير مستكملة لعملية الانقسام الاختزالي الأول، ومع طول فترة اختزان البويضات يزداد احتمال حدوث اختلال في توزيع الكروموسومات، وبالنسبة للذكر فإن الدراسات الإحصائية أثبتت أن ظهور الأمراض الوراثية السائدة في الأطفال مثل مرض "الأقزمة" يزيد مع زيادة عمر الأب عن 45 عامًا بسبب تكرار انقسام الخلايا الجرثومية في الخصية، ما يؤدى إلى إفراز ملايين الحيوانات المنوية، ومع كثرة الانقسامات تزداد احتمالات حدوث الطفرات الجينية نتيجةً لعوامل مثل التلوث بالمبيدات أو الإشعاع أو الكيماويات.

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -