زواج القاصرات وتأثيره على المجتمع رانيا أيوب ماهو زواج القاصرات؟ يُعرّف الزواج المُبكّر أو ما يُسمّى بزواج الأطفال على أنّهُ الزواج الذي يكون فيه عمر أحد الطرفين أو كليهما دون سن 18 عاماً، أو لم يبلغا سن الرشد المحدد في الدولة، ويُعدّ الزواج المُبكّر أحد أنواع الزواج القسري، حيث إنّ أحد الطرفين أو كليهما لا يملك الحريّة الكاملة في الموافقة، أو لا يُظِهر موافقةً صريحةً على الزواج، حيث إنّه لا يمتلك القدرة على تحديد الشريك المناسب له، لا سيّما أنّ أسباب عدم القدرة على الموافقة قد تختلف من شخص لآخر، وذلك لعدّة عوامل منها معدل النمو الجسدي، أو النفسي، أو الجنسي، أو العاطفي، أو قد يفتقد أحد الطرفين إلى خبرات الحياة التي تُمكّنه من اتخاذ القرار المناسب، وفي كثير من الأحيان، تُعدّ الفتيات الصغيرات هنَّ الأكثر تأثّراً بظاهرة الزواج المُبكّر، حيث إنّ بعض الأسر تفرض على الطفلة شريك حياتها المستقبلي منذ ولادتها، فما أن تصل إلى سنّ تستطيع فيه الإنجاب حتّى يتمّ تزويجها فوراً. أسباب الزواج المبكر؟ محدودية التعليم: إنّ حرمان الفتاة من التعليم بسبب عدم توافر وسائل النقل الآمنة بين المنزل والمدرسة، وانخفاض نوعية التعليم، وندرة فرص التعليم أدّى إلى بقاء الفتاة في منزلها فتميل نحو الزواج المُبكّر، بالفتاة التي تلقّت تعليماً لمدّة عشر سنوات تنخفض نسبة تزويجها في سن دون 18 عاماً لستّة أضعاف. ضعف الالتزام بالقانون وتنفيذه: إنّ عدم نشر المعرفة الكافية خاصةً بقانون حظر الزواج المُبكّر لعام 2006م، وفي كيفيّة تطبيق القانون ومعرفة عواقب تجاوزه أدّى إلى ضعف تنفيذه، كما أنّ هناك عدم ثقة من قِبل المجتمع بالمؤسسات المُنفّذة لهذا القانون، لا سيّما أنّ كثيراً من الأفراد يرون أنّ التقاليد والأعراف أقوى من القانون والمؤسسات، حيث إنّ عدد حالات التبليغ عن الزواج المُبكّر قليلة جداً. سوء الوضع الاقتصادي: أكثر من نصف الفتيات اللاتي تزوجن في سن مُبكّر هنّ من أفقر الأسر في العالم، وذلك لأنّ الأسرة التي تُعاني من الفقر تعتبر الزواج المُبكّر طريقةً لتحسين وضعها الاقتصادي، حيث إنّها تعتبر المهر المدفوع فرصةً لتأمين حاجات الأسرة، وتغطية الديون المتراكمة، وحلّ الأزمات الاقتصادية التي تمرّ بها الأسرة، كما أنّ هذه الأسر تعتبر زواج ابنة لديهم يُقلّل من نفقات الأسرة مع الاطمئنان إلى أنّها ستحصل على الطعام، والملبس، والتعليم المناسب بعد زواجها، أمّا في بعض الدول التي يقع فيها مهر الزواج على عاتق ذوي الزوجة فتميل أسرتها تزويجها في سن مُبكّر، حيث تدفع أموالاً أقل إذا كانت العروس شابةً غير متعلمة. التقاليد الاجتماعية: كثيرٌ من المجتمعات تعتبر أنّ الفتاة التي تعدّت سنّ الحيض قد أصبحت امرأةً في نظر المجتمع، ومن التقليد أن يتمّ إعطاؤها مكانتها كزوجة وأمّ عن طريق الزواج، بالإضافة إلى ذلك تعتقد بعض المجتمعات أنّ زواج الفتاة قبل سن البلوغ سببٌ في إدامة البركة على أسرتها، ممّا يُسبّب ضغطاً اجتماعياً يقود الأسرة نحو تزويج بناتها في سنّ مُبكّر. انعدام الأمن وانتشار الأزمات: في المجتمعات التي تتعرّض فيها الفتيات إلى خطر المضايقات والاعتداء البدني أو الجنسي، يتجه الآباء نحو تزويج بناتهم لحمايتهنّ والحفاظ على سلامتهنّ، كما أنّ نسب حالات الزواج المُبكّر تزداد في المناطق التي تُعاني من الأزمات الإنسانية والكوارث الطبيعية، وتلك التي ينتشر فيها العنف والفقر، فمن بين عشر دول تُعاني من أزمات بكافة أشكالها تسع منها تُعاني من ارتفاع معدل الزواج المُبكّر فيها. آثار الزواج المبكر؟ شهدت جمهورية أفريقيا الوسطى انتشاراً للزواج المُبكّر بين الأطفال الذكور، إلّا أنّ معدل الزواج المُبكّر عند الفتيات يزيد عن ضعف معدل الزواج المُبكّر عند الأولاد، لذلك تظهر آثار الزواج المُبكّر على كلّ من الأولاد والبنات على حدٍّ سواء لكنّها تظهر بشكل أوضح على الفتيات، حيث يواجه كلا الطرفين مخاطر وآثار تختلف بناءً على الاختلاف البيولوجي والاجتماعي لكلّ منهما، لا سيّما أنّ جميع هذه الآثار تُعتبر تعدٍّ على حقوق الطفل سواء كان ذكر أو أنثى، فمن آثار الزواج المُبكّر على الأولاد من الأطفال إجبارهم على تحمّل مسؤولية كبيرة وهم ليسوا مؤهلين لها، كما أنّ إشغال دور الأبوة في وقت مُبكّر يؤدّي إلى ضغوط اقتصادية قد تمنع الطفل المتزوج من متابعة التعليم وتطوير مهاراته للحصول على وظيفة مناسبة. تُعاني الطفلة التي تتزوج مُبكّراً من عزلة اجتماعية بعيدةً عن الأهل والأصدقاء ومن يُشكّلون مصادر دعم لها، بالإضافة إلى أنّها تجد صعوبةً في التعليم والتوظيف، فمثلاً في ملاوي حوالي ثلثا النساء اللواتي لم يتلقين التعليم الرسمي هنّ من العرائس الأطفال، و5% منهن فقط استطعن الالتحاق بالمرحلة الثانوية والتعليم العالي، كما أنّ هؤلاء الفتيات غير قادرات على التعامل بأمور الزواج، حيث إنّهنّ أكثر عرضةً الفيروسات المنتقلة جنسيا؛ بفيروس العوز المناعي البشري "HIV". يُعرّض الضغط الاجتماعي العروس الطفلة لحالة حمل مُبكّر، ففي نيبال مثلاً هناك أكثر من ثلث النساء التي تترواح أعمارهن بين 20 و24 واللواتي تزوجن قبل بلوغهنّ سنّ الخامسة عشر لهنّ ثلاثة أطفال أو أكثر، مقابل 1% من النساء اللواتي تزوجن بعد سن البلوغ ولهنّ نفس العدد من الأطفال، وبالرغم من ذلك فهي لا تتلقّى عنايةً طبيةً جيدةً أثناء فترة الحمل، ففي بلدان مثل بنغلاديش، وإثيوبيا، ونيبال، والنيجر حصلت النساء اللواتي تزوجن عند سن البلوغ مرّتين أكثر على رعاية صحيّة مناسبة أثناء الولادة مقارنةً مع النساء اللواتي تزوجن تحت سن الخامسة عشر بالرغم من أنهم يمتلكون جسماً غير مؤهل بشكلٍ كافٍ للولادة، ممّا يُعرّض حياتهمّ وحياة أطفالهم للخطر. الآثار الصحية والنفسية للزواج المبكر؟ تكون المرأة قادرةً على الإنجاب فور بلوغها، إلّا أنّ حدوث حمل قبل سن الخامسة عشر يؤدّي إلى نتائج سلبية عديدة؛ كفقر الدم، وارتفاع ضغط الدم لدى الأم، وزيادة حجم رأس الجنين عن حوض الأم،كما تواجه الأمهات
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق