أخر الاخبار

الفرق بين الفساد المكاني والفساد الزماني

-فرق ما بين الفساد الزماني وهو ينتهى بإنتهاء مرحلته سواء كان احتلال أو فساد حاكم


-والفساد المكاني المرتبط بالمكان نفسه ولا ينتهي أبدا لإرتباطه بالمكان وأهله



صبري جاد 


الغرب كان يعاني من الفساد الزمني في مرحلة سيطرة الكنيسة ورجالها وبمجرد بداية عصر النهضة انتهت فترة الفساد الزماني وتقدم علميا وسياسيا وأخلاقيا وإقتصاديا.

أما نحن فنعاني من الفساد المكاني المرتبط بالمكان وأهله وبالتالي مهما تغير الزمان سنظل فاسدين ومتخلفين.      ونرى أن هناك محاور وأهداف وسياسات جديدة لمكافحة الفساد.


وفي إطار تفعيل تلك الاستراتيجية صدر القانون رقم 207 لسنة 2017 في شأن تعديل بعض أحكام قانون هيئة الرقابة الإدارية الذي نص على أنها هيئة مستقلة تتبع رئاسة الجمهورية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري .


ومع التقدير لإهتمام الدولة بقضية مكافحة الفساد وملاحقة الفاسدين، إلا أن النوايا الطيبة فقط لن تحقق إنجازاً على الأرض. إن المطلوب ليس مجرد وضع استراتيجية لمكافحة الفساد، ولكن المطلوب التعامل الصريح والحاسم في تجفيف منابعه وأصل البلاء وهو سيطرة الجهاز الإداري للدولة واحتكاره تقديم الخدمات والمنافع العامة التي يحتاجها المواطنون، ومن ثم يتمتع الموظفون العموميون في وزارات الدولة ومصالحها وهيئاتها وفي الوحدات المحلية بسلطة واسعة في توفير تلك الخدمات والمنافع الحكومية بدون وجود بدائل تسمح للمواطنين بالإختيار ودون تقنين معايير واضحة وعادلة ومقيدة لسلطة الموظف العمومى في المنح أو المنع ـ أو المقيدة بقيود واهية ـ ويمكن للموظف العمومي إذا أراد أن يتحلل منها.


إن شيوع منطق «السلطة» واختفاء «منطق الخدمة العامة» في الجهاز الإداري للدولة، هو المنبع الأصلي لنشأة الفساد حين يضطر المواطن أو أي متعامل أجنبي مع جهة حكومية لدفع رشاوى للحصول على حقه في الخدمة أو المنفعة، أو حين يرغب المواطن أو المستثمر ـــ مصرياً كان أو غير مصري ـــ الحصول على خدمة أو منفعة أو فرصة من التعامل مع الدولة بغير حق في ذلك، فيكون الباب منفتحاً لإغراء الموظف ـــ أو الموظفين ـــ ذوي السلطة بالمال أو مختلف الرشاوي العينية والمعنوية والضغط عليهم لإنهاء المعاملة لصالح القادرين على الدفع من غير أصحاب الحق.


إن تجفيف منابع الفساد وسد الثغرات التي ينفذ منها المفسدون والفاسدون لن يتحقق إلا بإعادة تأسيس وتصميم الجهاز الإداري للدولة على المستويين المركزي والمحلي على أسس تقلص من السلطات التي يتمتع بها الموظفون العموميون في تقديم الخدمات العامة، وتحقيق الفصل الكامل بين الموظف «مقدم الخدمة» وبين المواطن «طالب الخدمة» أو المستثمر أو المورد «طالب المنفعة». ويتحقق ذلك بتحويل الجهاز الإداري الحكومي للإهتمام بوظائف التخطيط والمتابعة في الأساس، وإسناد مهام تقديم الخدمات العامة للمواطنين من تعليم وصحة وإسكان ونقل وغيرها من الخدمات إلى القطاع الخاص والأهلي وقطاع الأعمال العام وفق شروط ومعايير لأداء الخدمات معلنة وشفافة، وبناء على إجراءات تعاقدية تنافسية يشارك ممثلو المجتمع في الرقابة على دقة تنفيذها.


وهذا الأسلوب المقترح يعرف بعملية «التعهيد» Outsourcing وتتولى أجهزة الدولة الرقابة على مقدمي الخدمات الذين تم التعاقد معهم وتقييم مستويات أداء وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين وتطبيق شروط التعاقد حين مخالفتها، والبحث فى شكاوى المنتفعين بالخدمات.


وهذا الأسلوب مطبق في مصر منذ سنوات ومثاله تعاقد الدولة مع شركات الفنادق العالمية لإدارة الفنادق المملوكة لقطاع الأعمال العام وفي مشروعات الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص المعروفة بنظم PPP.


أما الأنشطة الحكومية التي تعتبر من أعمال السيادة والتي يجب تأديتها من خلال مؤسسات الدولة مثل إجراءات منح الإمتيازات والترخيص للمستثمرين وإجراءات التوريدات والمشتريات الحكومية، فتتولاها أجهزة حكومية. 
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -