أخر الاخبار

الجنرال الذهبي ..  الفريق أول عبدالمنعم رياض
لحظة الإستشهاد
الجنرال الذهبي .. اللقب حصل عليه الشهيد رياض نظر لتفوقه العلمي في العلوم العسكرية عندما سافر في بعثة تعليمية إلى الاتحاد السوفيتي عام 1958 ،لإتمام دورة تكتيكية تعبوية في أكاديمية القيادة العامة العليا للقوات المسلحة السوفيتية ، وأتمها في عام 1959 بتقدير امتياز وحصل على لقب (الجنرال الذهبي ) . وكان أثناء دراسته هناك نموذجا لطالب العلم المجد، فاستحوذ علي اعجاب مدرسيه في الأكاديمية، وقد ظل نبراسا يحتذى به لمن جاء من بعده من الدارسين العرب. وقد قال احدهم ( مصطفى طلاس وزير الحربية السوري بعد ذلك ) :
إن عبد المنعم رياض الذى درس هنا قبل سنوات، جعل مهمة الذين جاءوا بعده بالغة الصعوبة،لإن الجنرال يابتشنكو ـ وهو من كبار المعلمين السوفيت هنا، وكان له تاريخه فى الحرب العالمية الثانية - لا يمل دائماً من أن يكرر للدارسين العرب: أنه على هذا المقعد الرابع فى الدورة الأولى التى اشترك فيها دارسون عرب فى هذه الأكاديمية كان يجلس الجنرال رياض . 

في يوم إستشهاده كان الوضع على الجبهة ملتهبا .. فقد ازداد نشاط المدفعية المصرية التي كانت موضع اهتمام رئيس الأركان الفريق عبد المنعم رياض، خاصة مع تصاعد العمليات العسكرية من جانبنا مع دخول المواجهات مع العدو مرحلة الردع والأستنزاف، وأخذت تصب حممها على مواقع العدو منزلة به خسائر كبيرة سواء في الأفراد أو المعدات . كما كانت المدفعية تقوم بدورهام أثناء عبور بعض افراد قواتنا وقيامهم بعمليات قتالية ضد مواقع العدو في سيناء، وتقدم لهم المساندة أثناء انسحابهم .وفي 8/3/69 ارتعد العدو من شدة القصف وفاعليته ، حيث اخذت حوالى 150 بطارية مدفعية وأعدادا كبيرة من الدبابات والمدافع المضادة للدبابات والرشاشات تقذف مواقع العدو، فانزلت به خسائر كبيرة، وتهدمت المخابئ في خط بارليف كما لو كانت بيوت من ورق ، على حد وصف أحد الضباط الاسرائيلين .
.
ووضح أن هناك ثمة تغيير في أسلوب الدفاع وبالفعل كان هناك تغيير، فالفريق عبد المنعم رياض كان يشرف بنفسه على العمليات، ويمر بصورة شبه يومية كما يذكر القائد العام الفريق فوزي: على المواقع المتقدمة موجها ومحمسا ومعرضا حياته للخطر، فلم يكن هذا بالغريب عليه فهو القائل :
أنا لست أقل من أي جندي يدافع عن الجبهة، ولابد أن أكون بينهم في كل لحظة من لحظات البطولة ،فأذا حاربنا حرب القادة في المكاتب بالقاهرة فالهزيمة تصبح لنا محققة.. إن مكان القادة الصحيح هو وسط جنودهم وفي مقدمة الصفوف الأمامية. لم تكن هذه مجرد كلمات يلقيها القائد على جنوده ليحمسهم ولكنها كانت ايمان داخلي وشعور يملك وجدان وفكر الفريق عبد المنعم رياض .
.
وفي اليوم التالي 9/ 3/ 69 شدت حدة الاشتباكات العنيفة على امتداد الجبهة من السويس جنوبا إلى القنطرة شمالا،و أصر الفريق عبد المنعم رياض على زيارة الجبهة رغم ما في ذلك من خطورة، ليرى سير المعارك عن كثب ويكون بين جنوده، ووصل إليها بالفعل على متن طائرة عمودية، وفي ظهر ذلك اليوم أصر على زيارة إحدى وحدات المشاة الفرعية عند موقع المعدية رقم 6، التي لم تكن تبعد عن مرمى النيران الإسرائيلية سوى 250 مترا، فرصد العدو تواجد شخصية عسكرية كبيرة في هذا الموقع، فشن عليه ضربات مدفعية مركزة في الثالثة ظهرا، فانفجرت إحدى طلقات المدفعية بالقرب من الحفرة التي كان بها، ونتيجة للشظايا القاتلة وتفريغ الهواء اصيب عبد المنعم رياض واستشهد متأثرا بجراحه، بعد 32 عاما قضاها عاملا في الجيش . 

وفى جنازة عسكرية مهيبة يتقدمها الرئيس جمال عبد الناصرخرجت جموع الشعب المصرى لتودع بطلها إلى مثواه الأخير، وعلى الرغم من ان الجنازة كانت عسكرية ورسمية الا أن ملايين المصريين خرجت بشكل مفاجيء ،مما أدي إلي أن عبد الناصر سار فيها محاطا من كل جانب بافراد الشعب المصري، الذين باعدوا بينه وبين حرسه وحتي الوزراء ساروا متفرقين وسط حاملي الشعارات والهتافات. لقد كسر الناس النظام الموضوع رسميا لجنازة عسكرية، وفرضوا نظامهم الذي رأوه ملائما لمثل ذلك الشهيد ولمثل ذلك الحدث،
.
ويرى كثير من المراقبين أن إستشهاد عبد المنعم رياض لم يكن مجرد إستشهاد رجل عسكري في معركة، كما لم تكن جنازته مجرد جنازة لعسكري أستشهد أثناء المعركة.فقد كان هذا الاستشهاد هو الحدث الذي أقنع المصريين بأن العسكرية المصرية تستطيع أن تحقق لهم إنتصارهم الذي يريدوه.كما كان إستشهاد رئيس الاركان بمثابة رد إعتبار للعسكرية المصرية وللقوات المسلحة. وعرف المصريون أن رئيس الاركان أستشهد هناك علي الضفة الغربية، حيث يتواجد الجنود وحيث تتم المواجهة اليومية بين قواتهم المسلحة وجيش الاعداء، وأن القيادات الجديدة لم تعد تتخندق في القاهرة وملاذاتها، وإنما تتواجد علي المسرح العسكري حيث المعركة مع العدو.
.
وقد اشادت وسائل الاعلام العالمية بالفريق رياض فقالت عنه وكالة ( اليونايتدبرس) : إن الفريق عبد المنعم رياض ختم حياته على العهد به رجلا مخلصا لجنديته فى الخطوط الأمامية ... وإنه شارك فى عمل بدا شبه مستحيل، وهو إعادة بناء القوات المسلحة المصرية .وقالت صحيفة( الجارديان البريطانية) : إن وفاة عبد المنعم رياض قد رفعت الروح المعنوية للشعب المصرى، حيث عبر حادث أستشهاده بين جنوده عن الروح المعنوية الجديدة التى سادت القوات المسلحة المصرية بعد عام 1967 .

وقد كرم الرئيس جمال عبد الناصر الفريق رياض ومنحه رتبة الفريق أول، ونجمة الشرف العسكرية التي تعتبر أكبر وسام عسكري في مصر،وأعتبر يوم التاسع من شهر مارس من كل عام هو يوم الشهيد تخليدا لذكراه .وأطلق اسمه على العديد من الشوارع والميادين الهامة فى مصر والوطن العربى ، ومجده الشعراء والأدباء العرب كرمز للتضحية والفداء .. ومازال .
صفحة أ. Mostafa Sultan 
*******
رحم الله الجنرال الذهبي " عبدالمنعم رياض " 
أحد أعظم قادة الحرب والإستراتيجية في تاريخ العرب الحديث ، وكل من سار عَلى درب الشهادة والبطولة التي رفع راياتها " رياض ".
تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -