أخر الاخبار

الديون احتلال اقتصادي للدول

الديون قيد على السيادة وحرية اتخاذ القرار 

حكومة مصر أسرفت في الاستدانة، إلى الحد الذي أصبحت فيه كل إيرادات الضرائب لا تغطي مدفوعات الفائدة المستحقة على الديون. و عندما حاولت أن تجد لنفسها طريقا خارج مصيدة الديون، سقطت في دوامة الشر المطلق. وهي الآن تدور حول نفسها بين تخفيض قيمة عملتها وبيع أصولها الاستثمارية بثمن بخس. هذه الأصول الاستثمارية ليست من صنع جيل واحد، ولا هي مملوكة لجيل واحد. 

ومع أن أحد أهداف بيع الأصول الاستثمارية هو تخفيض الديون وإتاحة هامش كاف لتمويل استثمارات جديدة تزيد الإنتاج وتوفر المزيد من فرص العمل وترفع مستوى دخول الأفراد وتزيد القدرة التنافسية النوعية، فإن النتائج الفعلية حتى الآن ليست مبشرة، حيث تتركز الاستثمارات في مشروعات بنية أساسية تخدم مناطق خارج الوادي والدلتا، ليستفيد منها نسبة تقل عن 10% من السكان، في حين لا يستفيد منها إلا بالفتات أكثر من 90% من السكان. 

ومن ثم فإن مصر ما تزال في حاجة إلى مساعدات من الخارج، ولن تستطيع العيش بغير ذلك في السنوات المقبلة إلا إذا أقدمت بجرأة على تغيير سياساتها, لزيادة الاعتماد على النفس في إطار علاقات شبكية قوية ومتنوعة مع العالم. ذلك أن مصر لا يمكن جيوستراتيجيا أن تعيش منعزلة، ولا أن تكون على الحياد. 

ومن المرجح أن تشهد السياسة الخارجية في النظام الدولي تحت قيادة الولايات المتحدة ورئيسها الجديد مع بداية العام القادم إعادة تشكيل سلوك الدول على أساس المصالح بصورة فجة وخشنة، لا تمت بصلة إلى المبادئ والقيم. في هذا السياق لن تقدم أمريكا مساعدات مجانية لأحد، مهما كانت تفضيلات ترامب نفسه.  الدول التي تريد المساعدات، سياسية كانت أو اقتصادية أو عسكرية يجب أن تدفع الثمن مقدما. 

هذا هو منطق ترامب. هذا المنطق يترجم شعار "أمريكا أولا" في التطبيق، ويصل منطوقه في أقصاه إلى حد "يموت العالم وتحيا أمريكا". هذا السلوك السياسي الجديد سوف تتعامل به الولايات المتحدة مع دول حلف الأطلنطي القوية، بما فيها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، وكذلك مع الدول النامية والفقيرة. ولن تقدم أمريكا تحت حكم ترامب مساعدات مجانية لأي دولة لا تستطيع أن تدفع الثمن. هذا الثمن قد يكون عدا ونقدا، كما هو الحال بالنسبة لدول الخليج العربية الغنية. وقد يكون في صور أخرى، أهمها أن يتم تكليف الدولة المتلقية للمساعدات بدور محدد، في الداخل أو خارج حدودها لخدمة أهداف ومصالح أمريكا.  

تعليقات
ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق



    وضع القراءة :
    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -